من أكثر المبادئ التي حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تعزيزها في قلوب الصحابة، هو مبدأ الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، والبراءة من الكفار والمنافقين وأعداء الدِّين، ولو كانوا من أقرب الأقربين.

ولذلك صح في الحديث عنه قوله: (أوثق عُرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله).

وقد تشرّبت قلوب الصحابة رضي الله عنهم هذا المبدأ، وطبّقوه في حياتهم.

عندما وقع مجموعة من أسرى المشركين في أيدي المسلمين بعد غزوة بدر، شاور النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه في مصيرهم، فاقترح عمر بن الخطاب على رسول الله أن يُمَكِّن كل صحابي من قتل أحد أقاربه من الأسرى، حتى يعلم الله أن ليس في قلوبهم هوادة على المشركين.

ومرّ مصعب بن عمير على أخيه الأسير أبو عزيز بن عمير وهو مقيد عند أحد الصحابة، فقال مصعب للصحابي شُدّ وثاقه فإن أمه غنيّة فلعلها تفديه منك.

ومن أمثلة الولاء لله ولرسوله أن المسلمين وفي طريق عودتهم إلى المدينة، من إحدى الغزوات، وقع خلاف بينهم وبين رأس المنافقين (ابن سلول) فقال هذا المنافق: ما مثلنا وهؤلاء إلا كما قال القائل: (سمّن كلبك يأكلك)، لئن رجعنا المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ! فلما وصلوا المدينة وقف الصحابي عبدالله بن عبدالله بن سلول ومنع والده من دخول المدينة، وقال: والله لا تدخلها حتى يأذن لك رسول الله وتعلم من الأعز ومن الأذل ! لو قارنّا مواقف بعض المسلمين في تطبيقهم لمفهوم الولاء والبراء في عصرنا الحاضر، مع مواقف الصحابة لرأينا الأعاجيب ! فقد رأينا من بني جلدتنا من يؤيد الصهاينة في حربهم وعدوانهم على أهل غزة، بل ويفرح ويرقص على جراحهم وآلامهم، ويشمت بشهدائهم ! ووجدنا من يسعى في الإضرار باقتصاد بلد مسلم ويدعو إلى مقاطعة منتجاته وبضاعته، بسبب خلاف سياسي، ويعتبر ذلك انتصاراً للوطن، بينما يمتنع عن مقاطعة منتجات بلد غير مسلم أساءت قيادته السياسية إلى مقام النبوة، ويدّعي زوراً بأن هذه المقاطعة تتطلب إذن ولي الأمر! وفي صراع أذربيجان المسلمة والتي تسعى لتحرير إقليم (قرة باغ) المحتل من قبل أرمينيا، وجدنا بعض المحسوبين على المسلمين من يدعم ويؤيد أرمينيا في حربها مع أذربيجان ! لذلك لن تقوم للمسلمين قائمة حتى يقدّم المسلمون - حكومات وشعوب - ولاءهم لله ولرسوله على ما سواه من الولاءات.

يقول الإمام مالك: (لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها).

Twitter:@abdulaziz2002