هكذا: توافق معشوقين من غير موعد

وغُيّب عن نجواهما كل كاشح

وكلّت جفون الماء من حمل مائها

فما ملكت فيض الدموع السوافح

وإني لأطوي السرّ عن كل صاحب

وان كان للأسرار عدل الجوانح

كتب عبدالملك بن مروان، بعض سرّه إلى الحجاج بن يوسف، ففشا حتى بلغه ذلك، فكتب إليه والله يا أمير المؤمنين، ما أخبرت به إلا إنساناً واحداً، فكتب إليه عبدالملك، أن لكل إنسان نصيحاً يفشي إليه سره.

قال شاعر:

ألم تر أن وُشاة الرجال

لا يتركون أديما صحيحا

فلا تُفشِ سرك إلا إليك

فإنّ لكل نصيح نصيحا

وقال آخر:

إذا أنت لم تحفظ لنفسك سرّها

فسرك عند الناس أفشى وأضيعُ

وقال آخر:

أمِت السرّ بكتمان ولا...

يبدون منك إذا استودعت سر

فإذا ضقت به ذرعاً فلا

تجعلنّ سرّك إلا عند حُر

ومما استحسنته في كتمان السر:

أتى دون ما تخشون من بث سرّكم

أخو ثقة سهل الخلائق أروع

ضنين ببذل السر سمح بغيره

أخو ثقة عفّ الوصال سميدع*

(* السميدع: السيد الكريم الشريف الشّجاع)

أبى أن يبث الدهر ما عاش سرّكم

سليما وما دامت له الشمس تطلع

وله أيضاً:

كريم يميت السر حتى كأنه

إذا استنطقوه عن حديثك جاهله

رعى سركم في مضمر القلب والحشا

شفيق عليكم لا تخاف غوائله

وأكتم نفسي بعض سري تكرّما

إذا ما اضاع السر في الناس حامله

لَعمري ما استودعت سري وسرها

سوانا حذاراً أن تشيع السرائر