في اليوم العاشر من وقف إطلاق النار، كرر جيش الاحتلال الإسرائيلي، «يوميات حرب الإبادة» عبر تصعيد ميداني واسع في قطاع غزة، حيث شن عشرات الغارات على مناطق عدة، بينها رفح وخان يونس ومخيم النصيرات وجباليا والبريج، ما أدى إلى استشهاد وإصابة عشرات الفلسطينيين، بينما قررت الحكومة وقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة حتى إشعار آخر، رغم تأكيد «كتائب القسّام»، التزامها الاتفاق.
ويشكل التصعيد، الاختبار الأخطر لوقف إطلاق نار هش بالفعل دخل حيز التنفيذ في 11 أكتوبر الجاري، ما يضعف الآمال في أن يؤدي الاتفاق الذي توسطت فيه الولايات المتحدة إلى إنهاء الحرب بشكل نهائي، بينما هدد دونالد ترامب مجدداً بإمكانية نزع سلاح الحركة إن لم تتخلّ عنه.
ففي مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز»، قال الرئيس الأميركي «إذا لم يفعلوا (حماس) ما هو متوقع منهم سنقوم نحن بذلك».
وأضاف «إنهم عنيفون جداً... سنرى كيف ستسير الأمور».
ورغم ذلك أشار إلى أن لا موعد صارماً لنزع السلاح.
وعن نشر قوات أميركية في القطاع، أكد ترامب أنه لن يفعل، وبرر ذلك بأن لا حاجة لمثل هذه الخطوة.
إلى ذلك، ومع ادعاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بأن «حماس انتهكت الهدنة»، متوعداً برد قوي، كشف مسؤولون أميركيون أن تل أبيب أبلغت واشنطن مسبقاً بالغارات، فيما أكد مسؤول إسرائيلي أن «تل أبيب لم تطلب الإذن لشن الضربات ضد حماس»، وفق موقع «أكسيوس».
وقال مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية لموقع «أكسيوس»: «كنا نعلم أن الأمور تتجه نحو التصعيد، فكلما سمح للطرفين بالاشتباك أكثر، ازداد احتمال استمرار المواجهات».
وأجرى مبعوثا ترامب، ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر اتصالاً مع الوزير الإسرائيلي رون ديرمر ومسؤولين آخرين للتنسيق بشأن الخطوات التالية.
ونقل «أكسيوس» عن مسؤول أميركي أن واشنطن حثّت إسرائيل على الرد بشكل «متناسب» مع ضبط النفس، موضحة أن الهدف هو عزل «حماس» عن المشهد لا استئناف الحرب.
«لا أحد يريد العودة إلى حرب شاملة،» قال المسؤول، مضيفاً أن إسرائيل تسعى لإيصال رسالة للحركة مفادها بأن «هناك عواقب» من دون تقويض اتفاق السلام.
وأكد مسؤول أميركي أن «الأيام الـ 30 المقبلة ستكون حاسمة... نحن من يدير ما يجري في غزة الآن من حيث تنفيذ الاتفاق».
وأشار مسؤولون أميركيون إلى أن هذه الاشتباكات كانت متوقعة خلال الفترة الانتقالية الحالية، موضحين أن «حماس» بدأت بإعادة تنظيم صفوفها وشن عمليات ضد خصومها، فيما أطلقت إسرائيل تهديدات بتعليق تنفيذ الاتفاق بسبب تأخر تسليم جثث الرهائن.
ومن المقرر أن يصل نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس إلى إسرائيل خلال ساعات، برفقة ويتكوف وكوشنر، للدفع باتجاه تطبيق المرحلة الثانية من اتفاق السلام.
وفي السياق، حذر مسؤول أميركي من أنه إذا واصلت الحركة انتهاك الهدنة، فقد تدعم واشنطن إجراءات إسرائيلية لاستعادة السيطرة على أجزاء من غزة، بما يتيح «توسيع المناطق التي لا تخضع لسيطرة حماس».
«إنها الحرب!»
من جانبه، قال وزير الدفاع يسرائيل كاتس إن الجيش تلقى أوامر «بالتحرك بقوة»، محذراً من أن الحركة «ستدفع ثمناً باهظاً» عن كل إطلاق نار أو خرق لوقف إطلاق النار.
وتابع أنه إذا لم تفهم «حماس» هذه الرسالة «فستزداد شدة ردود الفعل».
وسرعان ما صدرت ردود فعل عن مسؤولين إسرائيليين، مثل وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش الذي كتب على موقع «أكس»، «إنها الحرب!».
ودعا وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، نتنياهو، إلى إصدار أمر للجيش «باستئناف القتال بكامل القوة».
ميدانياً، شن الطيران الإسرائيلي عشرات الغارات على أكثر من 100 هدف في مناطق متفرقة من القطاع، بعدما أفاد الجيش بأن مسلحين أطلقوا صواريخ مضادة للدبابات وفتحوا النار على قواته العاملة في منطقة رفح، ما أدى إلى مقتل ضابط وجندي في صفوف الاحتلال خلف «الخط الأصفر».
وأضاف الجيش «رد جيش الدفاع بتنفيذ غارات جوية باستخدام مقاتلات ونيران مدفعية، للقضاء على التهديد، وقام بتدمير أنفاق ومنشآت عسكرية تم رصد نشاط فيها».
وطالب سكان غزة بالبقاء في المنطقة غرب «الخط الأصفر».
وأفادت مصادر مطلعة لـ«العربية/الحدث»، باغتيال «قائد سرية النخبة في لواء شمال غزة يحيى المبحوح» خلال قصف على مقهى في الزوايدة وسط غزة.
وأشارت مصادر إلى أن الجيش نفذ اغتيالات ناجحة بمسيرات لعشرات العناصر من «حماس»، تركزت في وسط غزة وشمالها.
في المقابل، قالت مصادر محلية، إن «مقاومين من حماس قاموا باستهداف مجموعة تابعة لياسر أبوشباب (المعادي لحماس) في جنوب شرقي رفح، وتفاجأوا بوجود دبابات» إسرائيلية.
وأكدت «كتائب القسّام»، التزامها الاتفاق.
وذكرت في بيان «لا علم لنا بأي أحداث أو اشتباكات تجري في منطقة رفح، حيث إن هذه مناطق حمراء تقع تحت سيطرة الاحتلال، والاتصال مقطوع بما تبقى من مجموعات لنا هناك منذ عودة الحرب في مارس» الماضي.
واتهم عضو المكتب السياسي للحركة عزت الرشق إسرائيل بخرق الاتفاق.
كما أعلنت «القسام» العثور على رفات أحد الرهائن، ستسلمه إلى إسرائيل «في حال كانت الظروف الميدانية مهيأة لذلك».
وكانت وزارة الصحة في غزة تسلمت في وقت سابق، جثامين 15 فلسطينياً عبر الصليب الأحمر، ليرتفع بذلك إجمالي عدد الجثامين التي تم تسلمها إلى 150.
«حرب النهضة» تخلف «السيوف الحديدية»
صادقت الحكومة الإسرائيلية، على تغيير اسم الحرب الأخيرة على قطاع غزة، من «السيوف الحديدية» إلى «حرب النهضة».
وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مستهل جلسة الحكومة، اليوم الأحد، «بعد عامين من القتال المتواصل، نتذكر كيف بدأنا». وتابع «نهضنا من الكارثة المروعة في السابع من أكتوبر (2023). هذه هي حرب نهوض شعبنا، كامتداد مباشر لحرب الاستقلال». وأوضح: «نهضنا بقوة على أقدامنا... وأزلنا التهديد الوجودي للمحور الإيراني من بيننا».