في الولايات المتحدة الأميركية وقبل بضعة أشهر، وبينما يتحدث الخطيب السياسي في أحدى التجمعات الرياضية أمام عشرات الآلاف من الجمهور، الذي ملأ مدرجات الاستاد الرياضي، تقوم سيدتان في أعلى المدرجات برفع علم كبير لفلسطين تتوسطه قبضة كف تشير إلى التحدى والمقاومة والصمود، فما كان من رجال الأمن إلا أن أزالوا العلم الفلسطيني واقتادوا المرأتين، فصاح الجمهور بحناجر غاضبة محتجاً «حرروا فلسطين... فلسطين حرة حرة».

في باث الإنكليزية، المدينة الوادعة المشهورة بمبانيها الأثرية وحماماتها الرومانية التي استقت اسمها منها، تقوم مجموعة من الكتاب والفنانين والبرلمانيين والسياسيين وصناع الأفلام هناك، بقراءة أسماء 15 ألف شهيد فلسطيني من الأطفال الذين سقطوا جراء القصف الوحشي الإسرائيلي على غزة...

يقومون بتلاوة الأسماء من الصباح الباكر وحتى المساء في وسط المدينة، تقرأ هذه الشخصيات التي يملأ قلبها الرحمة على أرواح الناس، الأسماء، وقد اعتمر بعضهم الكوفية الفلسطينة، والبعض منهم يقرأ اسم الطفل هذا اسمه صالح وآخر سامي، وطفلة بريئة قتيلة اسمها نور، وقد أجهش بعضهم بالبكاء، وآخرون خنقتهم العبرة فيكملون بصعوبة أسماء الضحايا من الأطفال.

تحت وابل من المطر وظروف الطقس الصعبة، تجمع ما يقارب من 90 ألف شخص، على جسر ميناء سيدني في أستراليا، بينهم برلمانيون ومسؤولون وأطياف واسعة من الشعب في أستراليا، دعماً لوقف القتل والتجويع والتشريد في غزة.

والجموع الغفيرة هناك تنادي بصوت واحد هز جسر الميناء في صيحة واحدة،

«عار على إسرائيل، عار على الولايات المتحدة الأميركية، ماذا نريد؟ وقف إطلاق النار، متى نريده؟ الآن».

هكذا كانت صيحة الجموع حسب موقع محطة «بي بي سي».

فواخجلتاه ثم واخجلتاه، وواعجباه مما دهى العالم العربي بشكل عام... لماذا أغلب العواصم العربية لا تشهد مظاهر للاحتشاد والتظاهر لإظهار مظلومية الشعب الفلسطيني خصوصاً ما يجري في غزة حالياً؟

ليس المطلوب أن يكون هناك فوضى، وأن تكون هناك تظاهرات فالتة وغير منظمة، لكن بالامكان أن يكون هناك تنظيم للقيام بتحركات شعبية منظمة وبتنسيق مع الجهات المعنية في كل دولة للترتيب لتظاهرات وتجمعات تظهر استياء الشعوب العربية مما يحدث في فلسطين... تظاهرات منظمة تظهر لشعوب العالم ولوسائل الإعلام، الاستياء الكبير مما يحدث في غزة.

لا يجب أن تكون الخلافات العربية مع هذا الفصيل الفلسطيني أو ذاك سبباً لحالة السكوت أو الهدوء النسبي للشعوب العربية والحكومات تجاه ما يحدث من تيه واستكبار وعنجهية صهيونية تجاه الفلسطينيين.

فالعدو المحتل لم يتوقف عند أي خط أحمر، لا بأفعاله ولا بأقواله حتى تمادى هذا الكيان وسدر في غيه، فقام يطلق التصريحات التي تدعو لإفراغ غزة من أهلها، وبعض آخر يدعو لضم الضفة الغربية!

فلم يعد معقولاً أن تتحرك شعوب العالم كافة بقاراتها السبعة ومنها العالم الغربي، وأصحاب القضية شبه صامتين على هذا التنكيل الإسرائيلي بالفلسطينيين.