بعد ساعات قليلة من الرد الإيراني على الهجوم الإسرائيلي المباغت في يوم الجمعة الماضي، نشرت صحيفة Foreign Policy المرموقة مقالاً تحليلياً موضوعياً، اقتبست عنوانه ليكون عنواناً لمقالي، تشارك في كتابته كل من Iselin Brady (المتدربة في برنامج الحرب والتهديدات غير النظامية والإرهاب في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، طالبة الماجستير في برنامج الدراسات الأمنية بجامعة جورج تاون) والبروفيسور المعروف Daniel Byman (الزميل الأوّل في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، الأستاذ في كلية العلاقات الدولية بجامعة جورج تاون، مؤلّف الكتاب المعنون «نشر الكراهية: الصعود العالمي للإرهاب العنصري الأبيض»).
بعد التصريح بحتمية التصعيد في الأيّام اللاحقة لنشر المقال، استعرض الكاتبان أربعة احتمالات لانتهاء الحرب الإسرائيلية الإيرانية.
الاحتمال الأوّل هو أن تُنَفِّذ إيران ضربات عسكرية عنيفة عدّة على إسرائيل، وتبالغ في تقدير الأضرار الإسرائيلية، ثم تقبل الجهود الأميركية والدولية لوقف إطلاق النار، بشروط تستوفي إلى درجة كبيرة مطالب إسرائيل بشأن البرنامجين الإيرانيَّين النووي والصواريخ الباليستية، في سيناريو مماثل لاتفاق وقف اطلاق النار الذي وقّع السنة الماضية بين إسرائيل وحزب الله. وأبرز ما يُرجّح حدوث هذا الاحتمال هو تشابه مسلسل حملات القصف والاستهداف الإسرائيلية ضد كل من الحزب وايران.
الاحتمال الثاني، هو أن تصمد إيران فترة أطول، مع استمرارها في توجيه ضربات مباشرة وغير مباشرة ضد إسرائيل، بالتزامن مع تزايد الضغط الدولي على إسرائيل لوقف الحرب، إلى أن توافق. وبذلك تكون إسرائيل قد أضرّت وأخّرت البرنامج النووي الإيراني، ولكنها لم تنجح في تحقيق كامل أهدافها بشأن البرنامج النووي ولا بشأن برنامج الصواريخ. ومن بين ما يرجّح هذا الاحتمال هو صدور دعوتين إلى خفض التصعيد من قبل المملكة المتحدة وفرنسا، وتوجيه الرئيس ترامب، دعوة لإيران إلى العودة إلى طاولة المفاوضات. ولكن من بين ما يعرقل – لدرجة ما – هذا الاحتمال هو عادة ترامب، بالإفصاح عن أي تنازلات قد تُقدّمها إيران، فيظهرها كمُستسلمة.
الاحتمال الثالث، هو الاحتمال الأكثر ترجيحاً، والأشد خطورة على الكويت وسائر دول الخليج، وهو أن تتوسّع الحرب إلى إقليمية، والسيناريوهات الممكنة كثيرة. فعلى سبيل المثال، قد تلجأ إيران إلى تنفيذ تحذيراتها وتهديداتها المتكرّرة ضد المنشآت والمصالح الأميركية في الشرق الأوسط، إذا اعتبرت إيران أن أميركا مشاركة في قصفها، أو إذا اعتبرت أن مفاوضاتها غير المباشرة مع أميركا كانت في الواقع غطاءً للهجوم الإسرائيلي المباغت.
وكمثال آخر للاحتمال الثالث، ولكن في الجهة المقابلة، قد تبادر أميركا بقصف إيران، وتحديداً قصف «محطّة فوردو لتخصيب الوقود النووي» بالذخائر عميقة الاختراق، وأيضاً محطّات التخصيب الأخرى التي دمّرتها جزئياً إسرائيل.
الاحتمال الأخير سوداوي أيضاً، ولكن بدرجة أقل من الاحتمال الثالث، وهو أن تنتهي حالة الحرب الشاملة بين البلدين، ولكن ليس بصورة رسمية. فتستمر موجات القصف وعمليات الاغتيال والتخريب، ولكن بوتيرة أقل وبزخم أخف.
الفقرات أعلاه المقتبسة من المقال التحليلي – ومقالات تحليلية معتبرة أخرى عديدة – تشير إلى أن خطر الحرب الإسرائيلية الإيرانية على الكويت سوف يستمر لأشهر عدّة مقبلة. فحتى لو تحقّق الاحتمال الأوّل أو الثاني، وتوصّلت واشنطن وطهران إلى اتفاق، فإن احتمال عودة الهجمات الإسرائيلية العسكرية والاستخباراتية ضد إيران ونظامها الحاكم سوف يظل قائماً، وسوف يستمر معه التوتّر الإقليمي واحتمال تصاعد وتوسّع المواجهة العسكرية في المنطقة.
لذلك، نحن بحاجة عاجلة لتعزيز جبهتنا الداخلية والتصدّي للسلوكيات التي قد تنخر نسيجنا الوطني. وعليه، أدعو كل من يمارس علناً (عبر مقاطع فيديو مثلاً) حقّه في حرية التعبير، وإعلان رأيه وموقفه من الحرب الإسرائيلية - الإيرانية، أدعوه إلى احترام حق مخالفيه في إبداء آرائهم، واجتناب الإساءة إليهم والتشكيك في ولاءاتهم وانتماءاتهم... «اللهم أرنا الحقّ حقّا وارزقنا اتّباعه».
abdnakhi@yahoo.com