تهزّ أعنف اشتباكات منذ سنوات، العاصمة الليبية طرابلس، بعد أن أدى مقتل قائد كبير لإحدى الجماعات المسلحة يوم الاثنين إلى إشعال قتال بين الفصائل المتنافسة، أسفرت عن مقتل ستة أشخاص. وقال مسؤول في وزارة الداخلية لـ «فرانس برس» صباح الأربعاء، إن «الاشتباكات تجددت في العاصمة وعلى نطاق واسع في مواقع عدة متفرقة بين قوات جهاز الردع واللواء 444، ولا تزال مستمرة»، مشيراً إلى أن رقعتها اتسعت لتشمل أحياء زاوية الدهماني وطريق السكة وطريق الشط وشارع عمر المختار وميناء طرابلس البحري.

ويقع مقر رئاسة الحكومة في منطقة طريق السكة وسط طرابلس.

يتبع «جهاز الردع لمكافحة الإرهاب» إلى المجلس الرئاسي الليبي، فيما يتبع اللواء 444 إلى وزارة الدفاع الحكومية.

والثلاثاء، أعلن رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة حل وتفكيك أجهزة أمنية كانت تسيطر عليها مجموعة مسلحة نافذة أخرى هي «هيئة دعم الاستقرار».

وأطلق اللواء 444 العمليات العسكرية التي استهدفت جهاز دعم الاستقرار في أبوسليم، والتي أدت إلى مقتل عبدالغني الككلي، رئيس الجهاز والقيادي الأبرز للمجموعات المسلحة التي تسيطر على مناطق مهمة في طرابلس منذ العام 2011.

وأسفرت هذه الاشتباكات عن مقتل ستة أشخاص آخرين، بحسب مصادر طبية.

وأفاد المسؤول في وزارة الداخلية عن «حرب شوارع» ومواجهات «بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة داخل الأحياء بشكل متقطع»، مشيراً إلى أن الأسلحة الثقيلة تستخدم لاستهداف المقار العسكرية للأطراف المتنافسة.

وأظهرت مقاطع فيديو تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي انتشاراً كثيفاً لمجموعات مسلحة تتبادل إطلاق النار في الأحياء السكنية. كما أظهرت صور تعرض منازل لمقذوفات عشوائية واحتراق عدد من المركبات المدنية.

يتمركز جهاز الردع في قاعدة طرابلس الجوية، والتي تضم داخلها مطار معيتيقة الدولي وسجن طرابلس الذي يعد الأكبر في العاصمة.

ويسيطر جهاز الردع على الجزء الشرقي للعاصمة، كما يفرض سيطرته على عدد من المقرات الحيوية في طرابلس.

وشملت قرارات الدبيبة إعادة تشكيل أجهزة أمنية بما في ذلك حل «إدارة العمليات والأمن القضائي» وهو تشكيل مسلح يتبع وزارة العدل، ويعد أحد الأذرع الموالية لجهاز الردع.

وقبيل تجدد الاشتباكات، أصدرت مجموعات مسلحة تابعة لبلدية سوق الجمعة التي ينتمي معظم عناصر جهاز الردع إليها، بياناً دانت فيه حل الأجهزة الأمنية الخاصة بها.

«قلق أممي»

من جانبها، أعربت الأمم المتحدة عن قلقها البالغ لتجدد الاشتباكات وتصاعد أعمال العنف.

ودعت بعثة الأمم المتحدة في بيان إلى «وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار وفتح ممرات آمنة لإجلاء المدنيين»، مؤكدة دعمها الكامل لجهود التهدئة والوساطة.

تعزيز سلطة الدبيبة

وقد تؤدي أحدث اضطرابات في طرابلس إلى تعزيز الدبيبة في البلد المنقسم، وحليف تركيا أيضاً.

ولم تنعم ليبيا باستقرار يذكر منذ الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلسي عام 2011 وأطاحت بالعقيد معمر القذافي. وانقسمت البلاد في 2014 بين فصائل متنافسة في الشرق والغرب، رغم أن هدنة عام 2020 منعت الانزلاق إلى حرب كبرى.

وتعد ليبيا، وهي مُصدّر رئيسي للطاقة، أيضاً محطة مهمة للمهاجرين الساعين للوصول إلى أوروبا.

واستقطب صراعها تدخل قوى أجنبية. وتقع منشآتها النفطية الرئيسية في الجنوب والشرق بعيداً عن القتال الدائر حالياً في طرابلس.

ورغم أن طرابلس تنعم بهدوء نسبي منذ الهجوم العسكري الواسع النطاق الذي شنّته قوات المشير خليفة حفتر في 2019 وانتهى في يونيو 2020 بوقف دائم لإطلاق النار، إلا أن العاصمة تشهد من حين لآخر اشتباكات بين مجموعات مسلّحة متنافسة لأسباب تتعلّق بالصراع على مناطق النفوذ والمواقع الحيوية.