أكبر التهديدات التي تواجه الدول النامية المتطلّعة إلى دخول نادي التقدم هو الاحتكار، احتكار كلّ شيء لصالح فئة داخل المجتمع، اليوم نلاحظ كيف قامت الأقليات في سوريا بافتعال القلاقل والسبب أنهم احتكروا السلطة خمسين عاماً وليس لديهم استعداد لتركها، في دول أخرى يحتكر التجار أبواب المكسب وهم متحدون ضد من يدخل ناديهم؛ ومستعدون أن يخسروا أموالاً طائلة لطرد الراغبين بدخول مجالهم، والأمثلة على ذلك موجودة أمامنا وحولنا.

احتكار الدين، مصيبة أخرى عمرها لا يزيد عن قرن، جماعات وقيادات طوائف احتكرت الدين وأصبحت هي المرجعيات التي تملك أبواب الجنة، خالفوا أهم قواعد الدين الحنيف، لا معبود بحق سوى الله، ودفعنا جميعاً ثمن هجر التوحيد لصالح بشر لا يضرّون ولا ينفعون.

احتكار العلم هو بدعة جديدة، حيث أصبحت الجامعات مُحتكرة لمجموعات معينة وهم يضعون شروط القبول والبعثات بحيث لا تخرج بعيداً عنهم، وإذا نجح مبدعون في تجاوز حواجز الصعاب فهم يصبرون عليه حتى يرحل أو يموت دون قدرة على اتخاذ القرار، وفي بعض البلاد تتوارث كليات الصفوة أبناء الأساتذة منذ زمن طويل، وحتى يُستثنى أبناء وبنات الدكاترة في بعض الكليات من نسب القبول بصورة أشبه بالسرّية، نوع من الاحتكار يتم تقنينه.

هناك أيضاً احتكار الثقافة والأدب، حتى هذه الإبداعات أصبح بعضها في دائرة الاحتكار فابن الفنان يصبح فناناً بالتبعية، ومن يملكون المال يتم نشر ما يكتبون، فدور النشر لديها استعداد لنشر ما يُكتب بشرط أن تدفع وتشتري بعض نسخ مما كتبته، حتى فقد الناس اليوم جمال الإبداع لصالح رغبات الشهرة، بهذا تم احتكار قوة المال للثقافة والأدب.

في الولايات المتحدة على سبيل المثال، تقوم دور النشر بتقييم الإبداعات على أيدي خبراء وما يصدر عنها يكون عادة يستحق القراءة، لذا ينتشر الكتاب وتزداد مبيعاته، لدينا تُصفّ الكتب التي دفع أصحابها أثمانها دون أن يتم تقييمها، تُصف فوق أرفف المكتبات دون أن تجد من يقرأها، فانحسرت قيمة الكتاب.

لقد تمدّد الاحتكار لدينا ومع تمدّده ضَعُف أملنا في دخولنا محافل النمو والتقدّم.

حين نحارب الاحتكار ونسمح للمُبدعين أن يتنفّسوا ويأخذ كل إنسان فرصته التي خُلق لها سيقود مجتمعنا من يملكون القوة الدافعة لنا جميعاً نحو التقدّم.