طالعنا سعادة المستشار محمد الدعيج بحقائق صادمة وجرائم مرّوعة لجهة طبيعتها وشدة غموضها حتى كادت تُنسى ويطوى ملفها وهي مؤشر عن طبيعة المخدرات وآثارها الشخصية والاجتماعية على جميع الأسر الكريمة...
فقد ضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عباد الله صالحين، فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئاً، وقيل ادخلا النار مع الداخلين فالفساد والانحراف لشدة خبثه وصل إلى بيوت الأنبياء الكرام.
وها هو المشهد يتكرر اليوم بصورة عصرية! حيث يمكن أن يبدأ إدمان المخدرات بالتعاطي التجريبي لمخدر ترفيهي في تجمعات شبابية (من الجنسين) في مواقف اجتماعية معينة يسمونها (events)... حتى يصبح الأمر أكثر اعتياداً لدى بعض الأشخاص... كما تتسم بعض العقاقير مثل المسكنات أفيونية المفعول بمعدل خطورة أعلى حيث تسبب الإدمان بسرعة أكبر من غيرها، وهنا يختلف خطر الإدمان وسرعة تحول الشخص السليم إلى شخص مدمن!
وهكذا مع مرور الوقت تنتكس حال المدمن إلى الحاجة لجرعات أكبر من العقار ليصل إلى الشعور بالنشوة، وسرعان ما يحتاج إليه ليشعر فقط بأنه بحالة جيدة مع زيادة استعماله فقد تزداد لديه صعوبة مواصلة الحياة بدونه، كما قد تؤدي محاولات التوقف عن استخدامه إلى إحساس قوي بالرغبة في تناوله مع ظهور الأعراض الانسحابية والشعور بتعب شديد وإعياء وفقدان التركيز والهلوسة.
وبعدها تظهر المشاكل في المدرسة والجامعة أو جهة العمل مع إهمال المظهر الخارجي وتغيرات سلوكية داخل الأسرة مثل إغلاق باب الغرفة أو إخفاء مكان ذهابه مع أصدقائه المتعاطين، وتالياً كثرة المطالبات بالمصروف والتعذر بشتى أنواع المعاذير... والحلقة الأضعف هنا في كل الدورة المستندية للإدمان هي (الأم) لجهة تغلّب عاطفة الأمومة على العقل والمنطق والأصول... فأكثر همها أن يستمر ولدها بمراده ويستقل بما توفره له من حماية ودعم!
وهي بذلك تزعم أنها تريد أن تكرمه وفي الحقيقة إهانته، وتريد أن ترحمه ولكنها ظلمته. قال أحد علماء الاجتماع (وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيت عامته من قِبل الآباء) وإذا تأملتِ أيتها الأم الرؤوم هذا الصبي الوليد الصغير وقلبه الطاهر (جوهرة نفيسة) ساذجة خالية من كل هوى... وهو قابل لكل ما نُقِشَ فيه... ومائِلٌ إلى كل ما يُمال به إليه... فإن عودتيه على الخير ومنذ الصغر... نَشَأ عليه وسَعِدَ في الدنيا والآخرة، وشاركه في ثوابه أبوه وأمه وكل معلم له ومؤدب، وإن تركتيه عُرضة لأصدقاء السوء وأهملتيه شَقِىَ وهلك وكان الوزر في رقبة والديه والوالي له.
الخلاصة أقول:
لن تتغير مادة العظم واللحم والدم في الإنسان في (البصمة الوراثية) فهي ثابتة ومقدّرة عليه ولن تتبدّل السُّنن الإلهية التي توجدها وتُفنيها فهي المصرّفة لها والقاضية عليها، وبين عمل هذه المادة وقانونها فيها تكونت أسرار التكوين وفي هذه الأسرار تجد تاريخ الإنسانية كله سابحاً في القضاء والقدر، ولكن علينا اتخاذ الأسباب. وهنا مكمن الخطر فالكويت مستهدفة، وإلا ما الذي يفسر لنا هذه الكميات الهائلة التي يتم ضبطها... سوى شبابنا وهم عماد ثروتنا بعد الله؟!