أقبل رمضان وأقبل الخير معه؛ لأنه سيد الشهور وخير الأيام والليالي، فيه تُفتح أبواب الجنان وفيه تُغلق أبواب النيران.
عن سلمان الفارسي، رضي الله عنه، أنه قال: (خطبنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في آخر يوم من شعبان فقال: أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعاً، من تقرّب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدّى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار).
إنّ رمضان سلسلة من الخيرات مستمرة من أول ليلة فيه إلى آخر ليلة، الأجر فيه يُضاعف، والخير فيه يزيد، فيه تصفد الشياطين وتنطلق الأرواح إلى ميادين العبادة، وتحلق القلوب في فضاءات الطاعة.
إنه شهر الارتقاء الروحي والسمو الإيماني وتطهير النفس من أوضارها والقلب من أدرانه، والذكي الأريب هو من يستفيد من دقائقه ولياليه، فيشغل نفسه بكثرة الاستغفار وقراءة القرآن والحرص على الصلوات المفروضة في المساجد وزيارة الأرحام والأقارب والصدقة.
والمحروم من غفل عنه وعن زيادة رصيده من الحسنات فانشغل في متابعة المسلسلات والمسرحيات والبودكاستات وكثرة الجلوس في الديوانيات والمنتديات.
إنّ رمضان شهر القرآن، قال تعالى:
«شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ».
احرص على أن تكون لك ختمة فيه، واحرص على قراءة تفسير الآيات حتى تتدبر معانيها وتتعمق في مفاهيمها وأكثر من التسبيح والتهليل والتحميد.
ما أعذب قول الشاعر:
بانَ الهلال فمرحباً بقدومه
رمضانُ عاد ببهجةِ الإيمانِ
فأظلنا شهر الهدى باليُمنِ
والبركاتِ والأمجادِ والقرآنِ
أنعمْ به من زائرٍ متنعمٍ
يمضي حثيثاً في رضا الرحمنِ!
شهرُ الصيامِ قليلةٌ أيامهُ
يا سعد من أمضاهُ بالإحسانِ
إنه شهر كسب الحسنات ومحو السيئات والقرب من رب الأرض والسماوات.
إنه شهر الطاعات والبعد عن المحرمات والسباق على الجنات والاستزادة من الخيرات.
عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم،:{رغِمَ أَنفُ (خاب وخسِر) رجلٍ ذُكِرتُ عندَهُ فلم يصلِّ عليَّ، ورَغِمَ أنفُ رجلٍ دخل عليه رمضانُ ثمَّ انسلخَ قبل أن يُغفَرَ له، ورغمَ أنفُ رجلٍ أدرَكَ عندَه أبواهُ الكِبَر فلم يُدْخِلاهُ الجنة}.
رمضان فرصتك لتصفير سيئاتك وطرح ذنوبك وتنظيف صحيفتك من الخطايا والذنوب.
اللهم لك الحمد أنك بلّغتنا رمضان، اللهم أعنّا فيه على الصيام والقيام - اللّهم ارزقنا فيه تلاوة القرآن العظيم وتدبّره، وأعنّا على فهمه وتطبيقه.
إنّ رمضان فرصة للتغير، ولكسب عادات جديدة حسنة، وهدم عادات سيئة، فرصة لتقويم الاعوجاج، وتصحيح المسار، فرصة لتجديد التوبة، فرصة للعودة إلى الله والإنابة إليه وفتح صفحة جديدة مع النفس.
يقول الشاعر:
إذا ما اتقى الفتى الله وأطاعهُ
فكل الشهورِ شهرُ الصيامِ
تقبّل الله منا ومنكم ورمضان كريم!