أبدى رئيس الوزراء البريطاني الجديد كير ستارمر اليوم الاثنين رغبة في تهدئة العلاقات مع أيرلندا الشمالية حيث حظي باستقبال ايجابي يعكس تطلعات المسؤولين فيها بعد التوتر الناتج عن بريكست.

ووصل ستارمر صباحاً إلى قصر ستورمونت مقرّ مؤسسات الحكم المحلي حيث اجتمع لوقت قصير برئيسة الوزراء الجمهورية ميشيل أونيل ونائبتها إيما ليتل بينغيلي.

وخلال هذه الزيارة التي يقوم بها في اطار جولة استهلها في اسكتلندا وقبل توجهه إلى ويلز، أشار ستارمر إلى رغبته في إظهار «أهمية أيرلندا الشمالية» بالنسبة له ولحكومته و«المضي قدما بطريقة تظهر الاحترام والتشاركية».

واشاد الزعيم الجديد البالغ 60 عاما «بالمحادثات البناءة والإيجابية للغاية» مع المسؤولين، مؤكدا أن حكومته تعمل «من أجل التغيير والاستقرار هنا، في أيرلندا الشمالية».

وأعربت زعيمة الحزب الجمهوري ماري لو ماكدونالد عن انفتاحها لدى اشارتها إلى «فرحة» الشين فين بعودة حزب العمال، «حزب اتفاق الجمعة العظيمة»، إلى السلطة.

وأوضحت امام الصحافيين أنها ذكّرت الزعيم البريطاني بأن «الاستفتاءات والبنود المتعلقة بالاستفتاءات ورسم مستقبلنا معا هي في صلب» الاتفاق الذي أرسى السلام بعد ثلاثة عقود من النزاع المميت، وتم توقيعه في عهد توني بلير.

وعقب الانتخابات التشريعية التي جرت الخميس، احتفظ شين فين، الحزب القومي الأكبر، بمقاعده السبعة ليصبح الحزب الايرلندي الشمالي الأكثر تمثيلا في البرلمان البريطاني في لندن. وتفوّق على منافسه الرئيسي، الحزب الوحدوي الديموقراطي (دي يو بي)، الذي خسر ثلاثة من مقاعده الثمانية، اثنان منها لصالح أحزاب وحدوية أخرى.

ويقول خبراء إن هذه النتيجة ستعزز حزب شين فين غير الممثل تقليديا في مجلس العموم إذ يعارض السيادة البريطانية على ايرلندا الشمالية، في خطته للمطالبة باستفتاء أو «استطلاع حول الحدود» من أجل الوحدة الايرلندية.

وبات الحزب الذي كان الجناح السياسي السابق للجيش الجمهوري الايرلندي خلال فترة الاضطرابات، القوة الأولى في الجمعية المحلية الايرلندية الشمالية.

ودعت رئيسة شين فين ماري لو ماكدونالد الجمعة الحكومة البريطانية الجديدة إلى إظهار «حيادها» وقبول شرعية تغيير دستوري.

لكن جيمس باو رأى أن «الأساسيات لم تتغير» من وجهة نظر انتخابية، مع توزيع الأصوات بصورة شبه متساوية بين الوحدويين المتمسكين بمكانة ايرلندا الشمالية داخل المملكة المتحدة، والقوميين الايرلنديين.

وأضاف أن ستارمر ووزيره الجديد لشؤون إيرلندا الشمالية هيلاري بن «لن يشعرا بأنهما مضطران لإدراج تصويت في شأن الحدود على جدول الأعمال».

والوحدويون يتحالفون تقليديا مع الحزب المحافظ البريطاني، لكنهم قلما أسفوا على هزيمته بعد بقائه 14 عاما في السلطة.

وقال زعيم الحزب الوحدوي الديموقراطي غافن روبنسون إن ستارمر «شخص تربطنا به علاقة جيدة»، مرحبا بفوز العماليين «الاستثنائي».

وأوضح باو أن الوحدويين «يأملون أن يتمكن كير ستارمر من الدفع إلى مزيد من التوافق مع الاتحاد الأوروبي (في شأن التجارة)، ما سيحدّ من وطأة» بريكست على الإقليم.

ويعتبر الوحدويون أن القواعد التجارية ما بعد بريكست التي وافق عليها الحزب الوحدوي الديموقراطي بصعوبة بعد أشهر من العرقلة المؤسساتية، تقيم حدودا في بحر إيرلندا بين إيرلندا الشمالية وباقي المملكة المتحدة.

وتنص إحدى البنود القليلة المتعلقة بإيرلندا الشمالية في برنامج الحزب العمالي على تعديل قانون «الإرث والمصالحة» المثير للجدل الذي حمل إيرلندا على رفع القضية إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

وينص القانون الذي دخل حيز التنفيذ في مايو على وضع حد للتحقيقات والشكاوى المدنية والملاحقات الجنائية للجرائم المرتكبة في فترة الاضطرابات، ويمنح الحصانة للمقاتلين السابقين من كل الأطراف.

كذلك، ذكر جون تونج أستاذ العلوم السياسية في جامعة ليفربول أن جميع الأحزاب تأمل أن يكون العماليون «أكثر انفتاحا» على مراجعة المخصصات التي تقدمها لندن لإيرلندا الشمالية.

من جهته، رأى الكاتب الصحافي أليكس كاين المقيم في بلفاست أن ستارمر الذي ساهم في الماضي في إعادة تنظيم صفوف الشرطة في إيرلندا الشمالية، قد يضفي المزيد من «الانسجام» على العلاقات بين المملكة المتحدة وإيرلندا، ومع الاتحاد الأوروبي عموما.

وأوضح أن العلاقات البريطانية الإيرلندية «لم تتدهور فحسب، بل كادت تصل إلى حد القطيعة الكاملة» خلال المفاوضات حول الخروج من الاتحاد الأوروبي وبسبب قانون «الإرث والمصالحة».

وأثنى رئيس الوزراء الإيرلندي سايمن هاريس على فوز ستارمر وقبل دعوة لزيارة مقر رئاسة الحكومة في 17 يوليو.

وأكد أن المسؤولين مصممان على «إعادة إطلاق» العلاقات الثنائية و«تعزيزها».