عندما صدر القانون رقم 8 لسنة 2010 بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة استبشر الكثير من أهالي المعاقين لما تضمنه القانون من مزايا وحقوق، والتي لو تحققت جميعها لأنصفت الكثير من المعاقين، وأزالت جزءاً كبيراً من الغبن الواضح الذي عانوا منه طوال السنوات السابقة.

للأسف، فإن ما تم تطبيقه من المواد التي تضمنها القانون شمل فقط أموراً تكاد تكون سطحية، مثل الخصم على تذاكر السفر، وتذاكر السينما، والمرافق الترفيهية، ومنحهم الأولوية لعدم الانتظار بالدور في المرافق الحكومية، مع إعفائهم من الرسوم على معاملاتهم، وهذه جميعها عبارة عن قشور سطحية وليست ذات أولوية للمعاق، وفي الوقت نفسه ليست ذات تكلفة تذكر على الحكومة.

كما كان من الواضح أن الحماس لتطبيق القانون ومتابعة تنفيذ مواده المهمة ووضعها موضع التنفيذ، قد خف أو تلاشى تقريباً خلال فترة قصيرة بعد صدوره، وذلك لعدم اهتمام الجهات المسؤولة في الدولة، وكذلك الجهات المسؤولة عن رعاية المعاقين لبذل الجهد الكافي لمتابعة تطبيقه، فلاحظنا تراخياً في مخالفة الذين يستخدمون مواقف السيارات المخصصة للمعاقين، كما وجدنا غياباً شبه تام لتخصيص مكاتب في الجهات الحكومية لخدمة المعاقين (وفقا للمادة 5 من القانون)، كما كان هناك تفاوت في إعفاء معاملاتهم من الرسوم وفقاً للجهة التي يتعاملون معها نظراً لجهل تلك الجهات بمواد القانون.

ولقد استبشر الكثير عندما قام مجلس الأمة أخيراً بمراجعة القانون لإجراء تعديلات عليه، وكما يقال تصب في مصلحة المعاق، إلا أنه للأسف فإن معظم التعديلات جاءت لمصلحة المكلف بالرعاية، وتتعلق بتعزيز المعاش التقاعدي للمكلف بالرعاية، وزيادة عدد المكلفين بالرعاية لكل معاق، وأمور أخرى ليست بذات أهمية ولا تصب مباشرة في مصلحة المعاق.

ألم يكن من الأولى أن تتم مساءلة المعنيين عن أسباب التقصير، أو حتى عدم تطبيق المواد المهمة التي كانت معتمدة أساساً في القانون، والتي تمس المعاق مباشرة، فمثلاً أورد القانون في المادة (65) أن الهيئة ستقوم بمراجعة مخصصات المعاق كل 3 سنوات، وهو الأمر الذي لم يحدث منذ صدور القانون في 2010، وبالرغم من أنه كانت هناك زيادات لرواتب الموظفين وأيضاً المتقاعدين خلال تلك المدة، إضافة إلى منحة الـ3000 دينار التي أُعطيت للمتقاعدين، إلا أنه لم يتم التطرق إطلاقاً للمعاقين وشمولهم بتلك الزيادات أو المِنح، بالرغم من غلاء المعيشة المتصاعد، وأن هذه الفئة هي قطعاً الأحوج إلى مراجعة وضعها المالي.

إضافة إلى ذلك، فقد تم إقرار نظام التأمين الصحي للمتقاعدين (عافية) خلال هذه الفترة، وتم أخيراً ضم ربات البيوت إليه، ومع ذلك لم يتم ضم المعاقين إليه وذلك بمبرّرات واهية غير مقبولة قد تتعلق بأن الوضع الصحي للمعاق يحتاج إلى عناية خاصة لأمور قد لا تغطيها وثيقة الـتأمين العادية، وقد يكون هذا الكلام صحيحاً إلى حد معين ولكنه يتعلق بنسبة قليلة جداً من المعاقين، وكان يمكن وضع استثناءات خاصة من أنواع العلاج بحيث لا تشملها وثيقة الـتأمين، حتى يمكن استفادة بقية المعاقين منها وذلك لو كان هناك اهتمام أو بذل الجهد الكافي من المسؤولين.

كذلك لم تلتزم الهيئة العامة للشباب والرياضة بالمادة (18) من القانون والمتعلقة بإنشاء أندية ومراكز للأنشطة الرياضية والثقافية والترفيهية المتخصصة برعاية المعاقين في كل محافظة، وذلك في إهمال وتجاهل واضح لهذه الفئة.

الغريب في الأمر أنه لا يوجد أي تحركات جادة لحماية حقوق هذه الفئة من جمعية المعاقين أو جمعية أولياء أمور المعاقين، ولا أعرف تماماً دور البعض في هذا الموضوع، وهل المسألة هي للشهرة أو الوجاهة أو فقط «ترزز» أمام وسائل الإعلام على أكتاف هذه الفئة المظلومة؟

هل سنشاهد تحرّكاً عاجلاً لوزيرة الشؤون ووزير الصحة لتحريك هذا الملف الإنساني لهذه الفئة المغلوب على أمرها؟، أتمنى ذلك.

والله المستعان.