أعلنت كنيسة إنكلترا في الأسبوع الماضي عن تخليها عن الاستثمار في الشركات النفطية والتي تستثمر في النفط والغاز بسبب تأخر هذه الشركات في تحقيق التقدم في البدائل عن الوقود الأحفوري. ومن ثم بيع أصولها في الشركات النفطية الأوروبية وأهمها شركتا شل و بي. بي البريطانيتان وتوتال الفرنسية وأيني الإيطالية وربيسول الاسبانية. بالإضافة إلى شركتي أكسونموبيل واوكسدنتال الأميركيتين. حيث يبلغ إجمالي استثماراتها نحو7 ملايين دولار منها نحو 1.700 مليون في شركتي بي. بي الإنكليزية وشل الإنكليزية - الهولندية.
وقد لا يكون السبب هو تأخر الشركات، لكن لأن الشركات بدأت تتحوّل أو تؤخّر استثماراتها في التحوّل السريع إلى الوقود الأخضر والشمس والرياح بسبب ضعف العوائد المالية مقارنة بالغاز والنفط، وايضاً لأن الشركات الأميركية مستمرة في الاستثمار بالوقود الأحفوري، وبتشجيع من الإدارة الأميركية الحالية وذلك للمحافظة على بقاء أميركا المنتج الأكبر للنفط وعدم الاعتماد على استيراد النفوط الخارجية، عدا من الدول النفطية القريبة من كندا والبرزيل. ولترجع الولايات المتحدة الأميركية للتربّع على مكانتها الأولى في الإنتاج، وكذلك عدم إمكانية الشركات النفطية عامة بالالتزام بمعاهدة واتفاقية باريس في الوقت الحالي، وعدم إضاعة الفرص بتحقيق ارباح وفوائد مالية والاستفادة المستمرة في لب صناعتها المميزة.
وكنيسة انكلترا بدأت ببيع أسهم في شركة شل الانكليزية - الهولندية لانها ستضخ الأموال المطلوبة في استخراج النفط والغاز ولن تتخلى عن الوقود الأحفوري في الوقت الحالي. إلا أنها أعلنت في الوقت ذاته استمرارها ومحافظتها على أهدافها بتخفيف الانبعاثات الغازية إلى الجو، لكن من دون تقديم تفاصيل أخرى. مما اعتبرها المحافظون على البيئة بأنها «كارثة» للبيئة.
والمحور الأساسي والرئيسي قد يكون العوائد المالية من الوقود الأحفوري مقابل عوائد ضعيفة من الوقود البيئي، مما سيعرّض شركة شل الانكليزية - الهولندية لانتقادات، خاصة للادارة العليا من حملة الأسهم حيث هم في النهاية يريدون أرباحاً مضاعفة بدلاً من التضحية بها في سبيل نهاية غير معلومة.
وقد يكون سبب انتقاد الكنيسة لشركة شل، بحكم استثمارها الاكبر في تلك الشركة مقارنة ببقية الشركات النفطيه العالمية، حيث إنها ستمتنع عن الاستثمار في جميع الشركات حتى التي تستخرج وتنقّب عن النفط والغاز، إلى أن تُعلن الشركات النفطية بأنها ستتحقق من الوصول الى 1.5 درجة حرارة مئوية وهو الركن الأساسي من اتفاقية باريس، وبحلول نهاية 2023، وقد ترى ذلك مستحيلاً.
وهذا يقودنا إلى التوجه العام في أسعار النفط، ولماذا ما دون المستوى المطلوب، ولماذا التذبذب في السعر حيث لم يعد مثلاً يتجاوز حتى معدل 77 دولاراً، في حين ان الخام الأميركي ما دون 70 دولاراً، وهل هناك مثلاً التزام كامل في خفض الإنتاج أم ان هناك انتهاكات، أم فقط الزيادة المستمرة في الإنتاج من روسيا وحاجاتها الماسة الى العملة الصعبة مع غزوها وحربها في أوكرانيا. بغض النظر عن معدلات الخصم حتى إلى ما دون 60 دولاراً للنفط الروسي الخام طالما أن هناك مبالغ من العملة الصعبة تصب في اقتصادها. وتُخفّف نوعاً من احتياجاتها المالية المتواصلة ومن ثم قد لا تلتزم بخفض الإنتاج.
والكل في الوقت نفسه، متأمل في القرار السعودي بخفض انتاجها بمليون برميل من النفط الخام، مما قد يُساعد في نهوض سعر النفط، حيث لم يتبق من نهاية السنة الحالية سوى 5 أشهر لمنع أيّ عجز في ميزانيات الدول النفطية. وقد تبلغ هذه العجوزات مليارات من الدولارات، لتكون سنة مالية صعبة على الجميع.
والمعطيات تؤكد انه لن يتخلى احد عن الوقود الأحفوري ومن الصعب ان يلتزم الجميع باتفاقية باريس بغض النظر عن توجه كنيسة إنكلترا.
كاتب ومحلل نفطي مستقل
naftikuwaiti@yahoo.com