مصداقية انتخابات مجلس الأمّة مقترنة بمجموعة من الركائز الديموقراطية، من بينها التغطية الإعلامية المحايدة المتوازنة لمجريات السباق الانتخابي ولسيرة وأطروحات المرشحين. فإلى جانب الحاجة للتشريعات التي تُحدّد وتُنظّم معايير وضوابط ممارسات وسائل الإعلام خلال دورة الانتخابات (فترة الانتخابات ومقدّماتها وملحقاتها)، الحكومة المشرفة على الانتخابات مُطالَبة بالحياد وضمان الاتزان والإنصاف في الأنشطة الإعلامية الانتخابية التسويقيّة والتوعوية. وقد يكون من بين الأمثلة على الأنشطة الحكومية السابقة لتقليل الفوارق بين الحملات الانتخابية، المناظرة بين مرشحي انتخابات المجلس البلدي التكميلية التي نظّمها تلفزيون دولة الكويت في عام 2006، وأيضاً الرسائل المتلفزة من مرشحي انتخابات مجلس الأمة التي بثّها التلفزيون في أعوام لاحقة.

بعد غياب المساعي الحكومية لتضييق الفوارق في الحملات الانتخابية في السنوات الأخيرة، انطلقت قبل أقل من شهر حملة إعلامية توعوية واسعة بعنوان «صوتك يفرق» عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي ومن خلال لوحات الإعلانات الثابتة والمتنقلة في الشوارع.

بالرغم من البحث والتحرّي عبر شبكتي الإنترنت وعلاقاتي الشخصية، لا أعلم حتى اليوم من هم رعاة هذه الحملة. فمن جانب، لم أطّلع على خبر منشور يُسمّي الرعاة. ومن جانب آخر، إعلانات الشوارع غابت عنها بيانات الترخيص (رقمه وتاريخي بدايته ونهايته)، وناشر المواد الإعلامية عبر منصّات وسائل التواصل الاجتماعي عضو باسم مستعار هو «VoiceOfKuwait23» انضمّ إلى المنصّات قبل قرابة أسبوعين.

لذلك، لا أستبعد أن تكون الحكومة هي راعية هذه الحملة، لأن إعلانات الشوارع ما زالت موجودة لم تتم إزالتها رغم عدم تدوين بيانات الترخيص أسفل الإعلانات، مثلما تشترط اللوائح المنظّمة.

من جهة مقابلة، لا يليق بالحكومة رعاية هذه الحملة التوعوية، لأنها تخدش نزاهة الانتخابات المرتقبة، من خلال توسعة الفوارق الشاسعة أصلاً بين الحملات الانتخابية. فهذه الحملة التوعوية متّسقة مع الحملات الانتخابية لمجموعة كبيرة من المرشحين، معظمهم من النوّاب السابقين الحاضرين بكثافة وعلى مدى طويل في وسائل الإعلام، الذين ترتكز حملاتهم الانتخابية على تحفيز المحبطين على التصويت. لذلك هذه الحملة التوعوية تزيد من حضورهم الإعلامي على حساب مجموعة أخرى من المرشحين شبه مغيّبين عن وسائل الإعلام، معظمهم من المرشحين الجدد، الذين ترتكز حملاتهم الانتخابية على تقييم أداء النوّاب السابقين.

لذلك، الحكومة مطالبة اليوم بأداء دور ديموقراطي يضيّق الفارق بين الحملات الإعلامية ويعزز مبدأ تكافؤ فرص المنافسة بين المرشحين، وتحديداً بين النواب السابقين وبين المرشحين الجدد، من خلال تبنىي حملة توعوية موازية لحملة «صوتك يفرق» يكون شعارها – على سبيل المثال – «المشلول سياسياً لا يُجرّب»، ورسالتها الدعوة إلى تقييم النوّاب السابقين وفق مواقفهم وإنجازاتهم في قاعة عبدالله السالم، وجودة تشريعاتهم المنشورة في الجريدة الرسمية «الكويت اليوم» وليس بعدد التصريحات الشعبوية والأسئلة البرلمانية والاقتراحات بالقوانين التي انتهت إلى مقبرة الأجنّة البرلمانية.

وتباعاً، يشارك الفنان الكبير سعد الفرج في حملة «المشلول سياسياً لا يُجرّب» – على غرار مشاركته في حملة «صوتك يفرق» – فيخاطب الناخبين – عبر مقطع فيديو توعوي – بطريقته المتميّزة قائلاً: الميدان الرئيس للنائب هو قاعة عبدالله السالم. لذلك، لا يعيب النائب أن يتبنّى اقتراحاً بقانون بفكرة تشريعية مبتكرة من شخص غيره، ولا يعيبه أن يتبنّى اقتراحاً بقانون جيد صاغه غيره، الذي يعيبه هو فشله أو عجزه عن تسويق وإقرار الاقتراحات بالقوانين – التي يتبنّاها – في قاعة عبدالله السالم، إما بسبب طمع بمنفعة شخصيّة أو بسبب فتور وضعف وشلل أمام سطوة السلطة التنفيذية. ويعيبه أكثر تعذّره بقصر عمر المجلس لتبرير فشله وعجزه وللتستّر على شلله السياسي.

لذلك، قد يكون الأجدى دمج الحملتين التوعويتين في حملة واحدة شعارها «صوتك يفرق ويغرّق»، ورسالتها لا تغرقنا بإعادة انتخاب مشلول سياسياً... «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com