انتهت الانتخابات البرلمانية، وقد حالف النجاح 50 عضواً من أبناء وطننا الغالي لتمثيل الأمة...

وبذلك تُطوى صفحة المنافسة بكل إيجابياتها وسلبياتها وحُلوها ومُرّها.

استبشرنا خيراً بنسيان جميع الخلافات التي فرّقت بين أبناء الوطن، لنكون اليوم معاً يداً واحدة في مسيرة النهوض بالكويت الحبيبة.

- لكن وللأسف بعد ان استبشرنا خيراً بأن الآتي أفضل بتعاون السلطتين التنفيذية والتشريعية لما فيه الخير لوطننا الغالي، تفاجأنا بمخالفة مبدأ الفصل بين السلطات، فتم الاعتراض والرفض للتشكيل الوزاري الذي قام به رئيس مجلس الوزراء، ورجعنا للمربع الأول، التشكيك والوصاية وفرض آراء بعض الأجندات من ذوي المصالح الخاصة.

- شاهدنا الخلاف النيابي - النيابي حول بعض كراسي مجلس الأمة خارج أروقة المجلس وقبل جلسة القسَم، واشغلت منصات التواصل والمواقع المرئية والمقروءة بالتطاول والتراشق غير المحمود، ما كان له الأثر السلبي على المجتمع، وهذه الثقافة فيها الكثير من السلبيات والمحاذير، وهي بدعة برلمانية خارج أسوار المجلس يمارس فيها البعض ما يؤجج الخلاف بين أبناء الوطن، فإن المناصب تكليف لا تشريف، بل هي مشقة وتعب وليست لذّة وطرباً.

- بريق من أمل يظهر يوماً في الأفق، ويعود ليختفي أعواماً في ظلام النزاع والشقاق، عند أول موقف وفي بداية أول اجتماع خاص للنواب بدأت باندلاع شرارة التوتر وأثارت النعرات والتمييز، ورفضهم الاجتماع مع أشخاص معينة، وما يزيد الأمر سوءاً، وما نسمعه عن تجاهل وعدم دعوة زميلتي الأعضاء في مجلس الأمة تجنّباً للاجتماع مع المرأة!

إنه تصرف وكلام يؤدي بالمجتمع إلى التخلف، إنه كلام ذو شجون، كلام عن الأم والزوجة والابنة وشقيقة الرجل، كلام عن زميلة لكم في مجلس الأمة من المفترض أنكم تتكاتفون على كلمة الحق وعدم التمييز في مجال إقامة العدل.

(يجوز وما لا يجوز واحد)

- إذا يحق للوزير لا يحق للنائب، وإذا يحق للنائب لا يحق للوزير!

والمفارقة عندما يستخدم الوزير حقه بالتصويت لانتخاب المرشح الذي يمثله يكون مرحباً فيه، ولكن عندما يستخدم ذلك الحق الدستوري في أروقة مجلس الأمة يكون محرّماً عليه!

- يتألف مجلس الأمة من خمسين عضواً ينتخبون بطريق الانتخاب العام السري المباشر وفقاً لقانون الانتخاب.

ويعتبر الوزراء غير المنتخبين بمجلس الأمة أعضاء في المجلس بحكم وظائفهم، ويتم الانتخاب لمناصب مكتب المجلس بالتتابع وبطريق الاقتراع السري.

- رحم الله المؤسسين للنظام الديموقراطي، فقد أسّسوا نظاماً فيه الكثير من الإيجابيات، نسلّط الضوء على إحداها (التصويت السري)، والهدف منه كان عدم إحراج الناخبين داخل قاعة البرلمان وكذلك وأد الفتنة والكراهية والبغضاء، وكذلك تعطي مساحة وحرية للتصويت دون ضغوط على النائب.

- الوزراء أعضاء في المجلس، ومن حقهم الدستوري المشاركة بالتصويت لتسكين المناصب في المجلس، خصوصاً عندما تكون هناك أمور سلبية عدة، كاحتمال حدوث المحسوبية أو الطائفية أو حدوث مصالح وأجندات خاصة في حالة إذا ما ترك التصويت للأعضاء المنتخبين فقط، فالمجلس بمشاركة جميع الأعضاء الـ 66 كلهم لهم دور في الأداء المتوازن في اختيار المتنافسين للمناصب.

وهنا يُطرح سؤال: ما هي إيجابيات وسلبيات هذه المشاركة الجماعية؟

ونجيب عن هذا التساؤل كالتالي:

1/ الجانب الإيجابي في هذا الأمر هو ترجيح كفة الأكفأ.

2/ الجانب السلبي في هذا الأمر أن المجلس سوف يفرز أعضاءً اختارهم البعض من الأجندات التي لها مصالح وأهداف خاصة.

(موقف غريب)

- ممن يقبل المنصب الوزاري وعند مواجهته ضغوطاً يقوم بالاعتذار من الاستمرار فيه، فالمفروض ألّا يقبل هذا المنصب الوزاري من البداية ولا داعي لإحراج نفسه والآخرين.

(إضاءات)

- شاهدنا في هذه الانتخابات مشاركة شبابية كبيرة، وإن لم يحالفهم الحظ بالنجاح إلا أنهم حصدوا عدداً لا بأس فيه من الأصوات، بل كانوا منافسين بجدارة، قواكم الله وإن شاء الله يحالفكم النجاح في المستقبل.

- اخترقت سيدتان صفوف الرجال ونالتا شرف تمثيل أبناء وطنهما، إلا أن هناك سيدة أخرى تحدت العادات والتقاليد، وأبت إلّا المشاركة وكسرت القيود وشاركت في الانتخابات، ومع أنها لم يحالفها النجاح لكنها حصدت أكثر من 3 آلاف صوت، إنها موضي المطيري، التي كسبت محبة الناخبين بطرحها الوطني... لم تطعن بذمم الآخرين ولم تكن طائفية، بل كان طرحها وطنياً بامتياز، موضحة أنها ستخدم الكويت وجميع المواطنين دون تمايز، تحدت السياسيين والمرشحين المخضرمين في دائرتها، وأطلقت دعوة عامة للمناظرة العلنية ليتسنى للناخبين معرفة برامج كل المتنافسين، إلا أنهم أبوا ولم يواجهوها، وهذا يعتبر نجاحاً لها، ورسالة للسلطة التنفيذية باستقطاب تلك النماذج الوطنية المشرقة من الكويتيات.

(سمو رئيس مجلس الوزراء):

- الرضوخ لمطالب الأعضاء يعتبر ضعفاً، ونحن لا نهدف إلى التأزيم إنما نريد إحقاق الحق، وللأسف أصبح منصب الوزير محفوفاً بالمخاطر، ناهيك عن التعرض للإهانة والقذف والتشكيك بالذمم، ولذلك يقوم الكثير بالاعتذار من قبول هذا المنصب، فلذلك المفروض عندما يتم اختيار من يشغل هذه الحقائب الوزارية أن يتم تفعيل مبدأ التضامن الوزاري والوقوف مع الوزير بقوة، فليس من حق الأعضاء رفض أي وزير، إنما دورهم هو في استخدام الأدوات الدستورية والرقابية عند أي تجاوز أو تقصير.

والواقع حتى ان كان الوزراء على قدر كبير من المسؤولية ومن النخب، لن تتمكن من نيل رضاء أصحاب المصالح والأجندات الخاصة.

- سمو رئيس مجلس الوزراء، منذ توليك العمل طوال الشهرين الماضين... أديت واجبك بكل إخلاص ودون بهرجة إعلامية، ودون التدخلات من أعضاء مجلس الأمة، استمر على ذلك النهج الإصلاحي الذي اتضح بأنه يثير البعض ممن انتهجوا التجاسر على شخصكم الكريم لهدف ما.

- تحية إجلال وتقدير لكل مسؤول يحمل هُموم عمله، ويدرك أنه مسؤول أمام الله قبل مسؤوليته أمام الناس.

اللهمّ احفظ الكويت آمنةً مطمئنةً، والحمد لله رب العالمين.