إليك هذا المثال عزيزي القارئ، وهو منشور ساخر وجدته في السوشيال ميديا، وقد أضفت إليه لكي يناسب ما اريد قوله:

بالأمس وأنا اسير بسيارتي السوداء (السواد هنا مجرد لون كالأزرق والبنفسجي وليس عنصرية)، كانت هناك فتاة تضع على شعرها قطعة قماش (أنا لا أُسميه حجاباً والحجاب ليس فرضاً، بل عادة صحراوية)، هذه الفتاة (وأنا هنا لا أقصد كونها فتاة على الحقيقة، فلربما كانت متحوّلة وعابرة جنسياً وهي في جندريتها رجل) ولكن حسبما بدا لي أنّها فتاة كسرت الإشارة (كسرتها لأنّ الإشارة لم تكن واضحة وليس لأنّها فتاة لا تعرف التصرّف أو القيادة) فنظر إليها رجل (نظرة تَعجُّب وليس تحرشاً، فالتحرش ليس له سبب أو مبرّر ولبس المرأة حرية شخصية)، فتوقفت الفتاة على بعد أمتار بعد الإشارة الضوئية من الصدمة، فجاء الرجل بسيارته ووقف بجانبها وبدأ هذا الحوار:

- هل أنتِ/أنتَ/ هم بخير؟

- تستطيع أن تخاطبني بضمير (أنتِ) فأنا أمرأة وشكراً لكِ/لك/لهم على اهتمامك.

- في الواقع أفَضّل أن تخاطبيني بضمير «هي»، فأنا امرأة... أردت فقط أن أطمئن عليكِ وأنكِ بخير.

وصل شرطي المرور والذي بدا عليه الالتزام، ثم نظر إلى السيارتين بريبة وشك (الشك المنهجي والمهني وليس الشك المذهبي، فالرجل الشكّاك لا يُطاق) وطلب من الفتاة أن تتصل بوالدها (ليس لأنّ والدها له حق الطاعة، فأنا نسوية لا أعترف بالنظام الأبوي)...انتهى.

تخيل عزيزي القارئ أن يتحول كلامنا اليومي بهذه الصورة وهذا الشكل المليء بالشكوك والظنون... لغة تعيش سيولة في المعنى بلحظات تماسك خاطفة سرعان ما تختفي، هكذا ستتحدث النسوية بعد سنوات من الآن وقد بدأت أميركا وأوروبا وبعض فلاسفة فرنسا بالتحدث بهذا الشكل.

إنّ الخلط الحاصل بين «الهوية الجنسية» والهوية الجندرية والخطابات النسوية واختلاف نظرياتها، والحركة المثلية ونفوذها وتسرّب المفاهيم العلمانية والليبرالية في لغتنا وأفكارنا، كل ذلك أدى إلى ظهور خطاب جديد في الكتابة والكلام والوصف والسرد، مما جعل وسيجعل اللغة اليومية مليئة بالهراء.

وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.

Moh1alatwan@