الأديان السماوية تدعونا إلى الطريقة المثلى لكيفية التحاور مع الآخرين واحترام بعضنا البعض، ومن أساسيات التحاور الاستماع والانصات للطرف الآخر، وكذلك اختيار المفردات والكلمات الطيبة والتحدث بنبرة صوت طبيعية.

فالهدف من التحاور إحقاق الحق ورفع المظلومية وتصحيح المسار.

الله سبحانه وتعالى، عندما خاطب الكافر الذي ادعى الألوهية (فرعون) وقال لقومه أنا ربكم الأعلى لعدة سنوات!

أمر المولى عز وجل، سيدنا موسى، وهارون، عليهما السلام، بأن يذهبا إلى فرعون ويقولا له قولاً ليناً فى سورة طه

(فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ).

بمعنى القول الطيب، والأدب في اللفظ من دون فحش، يكون له الأثر الإيجابي في نفوس الآخرين حتى وإن كان كافراً، والتعنيف في القول نتائجه تكون غير حميدة.

(ادع إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بالحكمة والموعظة الحسنة وَجَادِلْهُم بالتي هِيَ أَحْسَنُ).

وتلك هي لغة التخاطب مع الآخر الذي يشمل الأدب والاحترام، وان اختلفنا مع الآخر فيكون باختيار الكلمات والمفردات الطيبة اللطيفة، وبالتأكيد سيكون الاحترام المتبادل بيننا وبين الآخرين يجعل الناس جميعاً تحترم بعضها البعض، بل الواجب على كل إنسان عاقل لزوم الرفق واللين وحسن الخطاب في كل مواقع الحياة في المنزل- العمل - المدرسة -الديوانية - المجالس - وسائل التواصل - كي يكون الأثر أبلغ والنفع أكبر والجدوى أوسع، وإن لم نلتزم باللين والرفق حتماً ستؤدي إلى الخلاف والقطيعة و التخاصم.

وللأسف، عندما نشاهد المشهد السياسي المحلي بتجرد تام خاصةً من بعض ممثلي الشعب، نجد الانحطاط و تدني لغة الخطاب والتي لم نكن نسمع بها سابقاً في أشد لحظات الخصام.

وأصبح الصوت العالي المزعج هو السائد، والطعن في ذمم الآخرين واستخدام مفردات غاية في السوء تستهدف ذمم وسمعة الآخرين، كلمات مليئة بالتشنج والتعدي مجردة من الأخلاقيات، وللأسف وصل الإسفاف بالتطاول على الأسر والعوائل الكريمة والفجور بالخصومة وإطلاق مفردات غاية بالسوء لم نكن نتوقع مشاهدتها بعد هذه المسيرة الديموقراطية العريقة.

ومن هذه الكلمات: (أسحقك وتتلتل «تسحب» بالشوارع- خل يولي- واطي- خاين- مرتش- قبيض- غير شرعي- لون دشداشتك- ضحك على شواربكم -انبطاحيين- بصامة).

والأخطر بأن هناك انتهازيين يقدمون أنفسهم في ثياب الناصحين ينتقدون الفساد وهم متورطون في كل ما ينتقدونه،

يلقبون أنفسهم بالإصلاحيين والوطنيين وصفات لا تمت لهم بها بصلة!

التمترس خلف الحصانة:

السعي إلى الهروب من المقاضاة ظاهرة غريبة ومستغربة، يعتقد النائب بأنه فوق القانون ولن يتمكن من مقاضاته المتضرر، ولذلك يطلق للسانه العنان في اتهام أي كان على خلاف معه دون أدلة ولا أحكام قضائية، متمترساً خلف الحصانة، ولا يتمكن المتضرر من مقاضاته علماً بأن حق التقاضي مكفول للجميع.

استغرب من خشية بعض النواب من رفع الحصانة عنهم، فالنائب خرج من رحم الأمة، ولذلك الواجب عليه بأن يكون قدوة حسنة لأبنائنا ويطبق القانون على نفسه، خاصةً بأننا في دولة المؤسسات ونفتخر بأن قضاءنا نزيه وكل صاحب حق سيأخذ حقه من خلاله.

وللأسف انتشر بين أبنائنا التعصب والعنف والتطاول في كل الأماكن (المدرسة - مقر العمل - المجمعات - الأسواق - أماكن الترفيه - حتى الرياضة لم تكن بمنأي من ذلك).

- فالمطلوب اتخاذ قرارات حازمة لتجاوز تلك الممارسات غير الحميدة بتفعيل المناهج الدراسية لغرس قيم المحبة واحترام الآخر والبعد عن التعصب، فالإسلام دين الاعتدال والوسطية.

- تعديل اللائحة الداخلية من خلال إنشاء نظام أو لجنة للأخلاق والقيم، على غرار ما هو معمول في كثير من البرلمانات، لضبط سلوك بعض النواب عند المخالفة، ووقف التمادي بالألفاظ والأفعال وحفاظاً على سمعة البرلمان وهيبته، وحتى إنشاء هذه اللجنة، فعلى المجلس تفعيل الإجراءات والجزاءات الواردة في المادتين (88،89) من اللائحة، حتى في حال تمسك العضو بحصانته الموضوعية.

- إن مفهوم الحصانة بشقيها (الموضوعي والإجرائي) لابد وأن يفهم ويفسر في أضيق الحدود الواردة في القانون، حتى لا يتملص النائب بها عن الجزاء الذي يفرضه عليه القانون عند الإساءة إلى الغير أو ارتكاب المخالفة، وهذا مع عدم الإخلال بحقه بالإدلاء بأقواله أمام لجنة الشؤون التشريعية والقانونية لبحث كيدية الدعوى من عدمها.

- الواجب على المجلس عدم التهاون لهؤلاء بالاسترسال بالإساءات والحزم، وتفعيل الإجراءات المنصوص عليها في اللائحة والعمل على إيقاف المسيء كي يكون عبرة للآخرين.

يا رب اجعلنا ممن يحسنون الظن بالناس، واجعل الناس يحسنون الظن بنا.

اللهم احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمدلله رب العالمين.