ذكرت وكالة التصنيف الائتماني «فيتش» أن النظرة المستقبلية السلبية لتصنيف الكويت السيادي تعكس مخاطر السيولة على المدى القريب المرتبطة بالاستنزاف الوشيك للأصول السائلة في صندوق الاحتياطي العام في غياب التفويض البرلماني للحكومة بالاقتراض.

وأضافت أن هذا الخطر متجذر في الجمود السياسي والمؤسسي الذي يفسر أيضاً عدم وجود إصلاحات ذات مغزى لمعالجة العجز المالي المكون من خانتين، والضعف المتوقع في الميزانيات العمومية والخارجية للكويت، رغم أنها ستظل بين أقوى الدول السيادية المصنفة من وكالة فيتش.

ولفتت «فيتش» إلى أنه بدون تمرير قانون يسمح بإصدار ديون جديدة، يمكن أن تُستنزف السيولة لدى صندوق الاحتياطي العام في المدى القريب دون اتخاذ مزيد من التدابير لتجديدها، مضيفة أن استنزاف سيولة الصندوق من شأنه أن يحد بشكل حاد من قدرة الحكومة على الوفاء بالتزامات الإنفاق الخاصة بها، ويمكن أن يؤدي إلى اضطراب اقتصادي كبير.

مع ذلك، ترى الوكالة أنه سيتم تمرير قانون ديون جديد وأن الحكومة ستجدد موارد صندوق الاحتياطي العام مرة أخرى لتجنب النضوب حتى وإن لم يصدر أيّ تشريع جديد من قبل مجلس الأمة، معبرة عن ثقتها بأن خدمة الديون ستستمر في أي حال بالوقت المناسب، ومع ذلك، لا تزال هناك درجة من عدم اليقين.

أسعار النفط

وتوقّعت «فيتش» أن ينخفض العجز المالي إلى النصف، لكنه لا يزال كبيراً عند 11 في المئة، في السنة المالية المنتهية في مارس 2022. وترجح أن يظل العجز ضمن خانات عشرية للسنتين الماليتين 2022 و2023، على فرض تراجعت أسعار النفط مرة أخرى إلى 54 دولاراً للبرميل كمعدل وسطي.

ولفتت إلى أن هناك جانباً إيجابياً كبيراً لهذه التوقعات في ضوء ديناميكيات سوق النفط، إذ يساعد ارتفاع سعر النفط بمقدار 10 دولارات لكل برميل ميزانية الكويت بأكثر من 6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وبحسب تقديرات «فيتش» «ستنخفض نقطة التعادل المالي لسعر النفط في ميزانية الكويت إلى أقل من 80 دولاراً للبرميل في السنة المالية 2022، نظراً إلى ارتفاع إنتاج النفط بما يتماشى مع مستوى (أوبك+) التدريجي، مستبعدة إجراء إصلاحات مالية كبيرة في الكويت، ما يجعل الميزانية عرضة لتقلب أسعار النفط».

الأصول الأجنبية

ورجّحت «فيتش» أن تظل الميزانية العمومية للقطاع العام في الكويت بين أقوى الميزانيات السيادية التي تصنفها الوكالة، حتى على فرض إجراء القليل من الإصلاح المالي وعدم تعافي أسعار النفط أو الإنتاج.

ووفقاً لتقديراتها، تبلغ الأصول الأجنبية التي تديرها الهيئة العامة للاستثمار، ومعظمها في صندوق الأجيال القادمة، نحو 580 مليار دولاراً، ما يمثل الجزء الأكبر من مركز صافي الأصول الأجنبية السيادية في الكويت البالغ نحو 550 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

من ناحية أخرى، بينت «فيتش» أن اعتماد إستراتيجية تمويل حكومية واضحة ومستدامة سيكون له أثر إيجابي على تصنيف الكويت. على النقيض من ذلك، لفتت الوكالة إلى أن استنزاف صندوق الاحتياطي العام في ظل غياب قانون ديون جديد، أو تشريع يسمح بالوصول إلى صندوق الأجيال القادمة أو أيّ تدابير استثنائية أخرى لضمان أن الحكومة يمكن أن تستمر في الوفاء بالتزاماتها في السداد، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر خدمة الديون، سيكون له أثر سلبي على التصنيف، إضافة إلى استمرار تآكل المراكز المالية والخارجية، على سبيل المثال بسبب استمرار فترة انخفاض أسعار النفط أو عدم القدرة على معالجة الاستنزاف الهيكلي للماليات العامة.

النظرة المستقبلية لتصنيف الكويت سلبية

بيّنت «فيتش» في تقريرها أن 4 من 14 دولة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا يحمل تصنيفها نظرة مستقبلية سلبية، بعد مراجعة النظرة المستقبلية للسعودية إلى مستقرة في يوليو بفضل التحسّن الكبير الذي طرأ على توقعات أسعار النفط، وهي الكويت، والأردن، وعُمان وتونس.

وأضافت «النظرة المستقبلية السلبية لتصنيفي الأردن والكويت (منذ فبراير) وسلطنة عمان وتونس (التي تم تخفيضها في يوليو) تعكس التداعيات السلبية المستمرة على الماليات العامة والخارجية والنمو نتيجة الجائحة وعدم اليقين الذي يحيط بالسيولة والتمويل في الكويت وتونس».