إن المعالجة السياسية في التعامل مع التنوع على المستوى الوطني هي المحور الأهم في عصرنا الحاضر، الدولة اليوم تملك إمكانات هائلة للتأثير في حياة الناس، كما أن الطبقة السياسية وقيادات المكونات الطائفية والقبلية والإثنية... يراهنون ويجتهدون للوصول إلى المناصب العليا في الدولة بوصفها الوسيلة الأهم لتحقيق طموحاتهم ورفع ما يعتقدون أنه ظلم وظلامات عنهم.

من هنا باتت الحاجة ماسّة جداً إلى تلاحم المواطنين وتفاهمهم على قواعد للعيش المشترك، وليس لهذا أي سبيل غيرسبيل القناعة والرضا، ومن المهم أن نؤمن أنه إذا كان العيش في وطن واحد لم تستطع عبر مئات السنين كسر حدة الصراع بين المكونات الوطنية، فإن من المؤكد أن سياسات القهر والدمج المتعسف لن تفلح في ذلك، ولهذا على الحكومات تجنب ذلك على نحو نهائي حتى لا يزداد الأمر سوءاً.

إن من المهام الكبرى لأي حكومة رعاية التوافقات الاجتماعية، والعمل على إيجاد جبهة داخلية متماسكة على نحو يمكّنها من التعايش بسلام. يقول الله تعالى: «وإذا تولّى سعىٰ في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد».

ونتعلّم من هذه الآية أن الشارع ما يريد من إصلاح فهو شامل صلاح العقيدة وصلاح العمل بالعبادة وصلاح أحوال الناس وشؤونهم في الحياة الاجتماعية، كما أنبأنا الله سبحانه أن الفساد المحذّر منه هنالك هو إفساد موجودات هذا العالَم... ولولا إرادة انتظامه، لما شرع الشرائع الجزئية الرادعة للناس عن الإفساد.

طريق العدل الاجتماعي والثقافي وطريق الوئام الوطني، طريق طويل والانتكاسات في السير نحوه دائماً متوقعة، وهو يحتاج إلى صبر ومثابرة، لكن لابد من اليقظة تجاه العوامل التي تغذّي اللاوعي الجمعي بالكراهية والاستعداد للصراع والانقسام، ولا بد من الانتباه إلى تصدع البنى العميقة للمجتمع.

M.alwohaib@gmail.com ‏@mona_alwohaib