لم أعتد أن أرثي أحداً، ولكن عندما أجد أن الجميع حزين على وفاته، وأن الكل يبكي فراقه، وأن من حوله سلموا بقضاء الله على رحيله، فلن أجد أنا بداً من وداعه.

كان رحمه الله قليل الحديث لذلك تجد في كلامه الحكمة، وهدوء الطبع ولذلك تجد في نفسه السكينة، ومحباً للجميع فتجد أعمال الخير تسبقه، وفياً لأهله وأصدقائه ومن حوله فتجده دائماً معهم أينما كانوا.

قلب طيب متعلق بالمساجد، مؤمن بقضاء الله وقدره، محب لفعل الخير وواصل للرحم، يقف مع المحتاج ويناصر المستضعف، من أهل الصلاح والتقوى، أحسبه والله حسيبه أنه من القلة القلائل الذين كان يطلق عليهم جيل الطيبين.

كان لا يعرف النقد الهادم ولا الهجوم اللاذع ولا السخط الواسع، ينظر إلى الأمور بروية واتزان، وعندما نتحدث معه عن أمر داخلي أو وضع محلي سيئ، فإنه يرى أن القادم أجمل وأن الحل بالصلاح والإصلاح وأن طريق النجاح مفتوح متى أردنا ذلك!

سنوات من المرض العضال وهو يعيش بين الجميع بالروح المُحبة المرحة نفسها، والتواصل الدائم والمستمر، لم تنقطع أحاديثه ولم تنكسر روحه ولم تنثن عزيمته، فهو يؤمن أنه بين يدي الله وفي رحمته، لذلك عندما يسأله الجميع عن حاله يرد مبتسماً: الحمد لله!

كان من أوائل المتخصصين في الأمراض المعدية وفي علاج نقص المناعة المكتسبة، سألته حين مرة: لماذا اخترت هذا التخصص؟ فقال إنه عمل في أكثر من مستشفى ورأى أن هذا التخصص ينقصه الكويتيون وأن هذا النوع من المرض بدأ ينتشر حول العالم، لم أفكر في تخصص آخر يجلب لي المال، لأني طبيب فهدفي الأول علاج المرضى، وليس أن أجني ثروتي من ورائه!

ما أجمل أن ترحل وكل هذه الصفات فيك، وما أجمل أن ترحل والناس من حولك راضية عنك ويذكرونك بكل خير، وما أجمل أن ترحل والكل ينعيك ويذكرك بالصلاح والتقوى، وما أجمل أن ترحل والجميع يتحدث باسمك وقلوب من حولك معلقة بك، وما أجمل أن ترحل وربك بإذن الله تعالى راضٍ عنك.

وداعاً خالي شهاب، وداعاً دكتور شهاب أحمد الشهاب، فلله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء بأجل مسمى، وعزاؤنا الوحيد أنك رحلت إلى من هو ألطف وأرحم بك منا، فإلى جنات الخلد بإذنه تعالى.