إن الإصلاح الداخلي وتحقيق التنمية الشاملة، مطلب أساسي لكل الشعوب، لكن ذلك ليس بالأمر الهيّن فنحن اليوم نعيش في عالم شديد التعقيد، والمنافسة فيه على أشدها، والنجاح في مثل هذه الظروف يحتاج إلى الاستقرار والتضامن الاجتماعي.

إن الاختلاف بين مكونات المجتمع يعوّق مسيرة الإصلاح ويجهض كثيراً من جهود مكافحة الفساد، وذلك لأن الإصلاح بكل أشكاله يحتاج إلى قوة الإجماع الوطني من خلال توحيد مطالب كل المكونات الاجتماعية، وذلك لأن عليها مواجهة البنية العميقة للتخلف والفساد، ومواجهة أولئك المنتفعين منهما، وهم في الحقيقة ليسوا قليلين.

إن تنوع مكونات المجتمع هو مصدر ثراء، لأنه يعيش تحديات وهي من تصلّب لدى الناس روح المقاومة، أما ما نراه في واقع الحال أن التنوع لا يؤدي إلى التثاقف والتكامل إلا ضمن شروط محددة، كما أن التحديات لا تصلّب روح المقاومة إلا في إطار ظروف معينة، ومن الواضح في هذا السياق أن الشرط الأهم هو عدم تأثير التنوع على الإجماع السياسي المطلوب للأمن والاستقرار، والمطلوب لنجاح عمليات الإصلاح المختلفة.

ورغم أن التنوع ثراء إلا أن مشكلة هذا التنوع أنه يجعل التوافق على الأفكار الإصلاحية عسيراً، لأن الإصلاح ليس عبارة عن تحسين المستوى الاقتصادي فحسب، بل هناك إصلاحات تعليمية وأخلاقية وتربوية واجتماعية، وهذه تظل على تماس شديد بالأيدلوجيات المتنوعة في المجتمع، وبعضها يقتضي تفويت مصالح بعض المتحالفين مع التخلف والفساد، وهذا كله يجعل حصول إجماع سياسي جيد ومثمر عزيزَ المنال، وإن كان ليس لدينا أي بديل آخر عنه.

M.alwohaib@gmail.com

@mona_alwohaib