اكتسبت اقتصادات دول الخليج زخماً متزايداً خلال 2025 بدعم من الإصلاحات الهيكلية والتوسع في تبنّي التقنيات الرقمية، وفقًا لأحدث إصدار من تقرير «المستجدات الاقتصادية لدول الخليج – خريف 2025».

وتوقّع التقرير تسجيل معدلات نمو متفاوتة بين دول الخليج، بنمو متوقع في الإمارات بنحو 4.8 في المئة، السعودية 3.8 في المئة، البحرين 3.5 في المئة، عُمان 3.1 في المئة، وقطر 2.8 في المئة، في حين يُتوقع أن تحقق الكويت 2.7 في المئة، بعد عامين من الانكماش الاقتصادي في 2023 و2024 نتيجةً لانخفاض أسعار النفط، وتخفيضات «أوبك+» للإنتاج.

ولفت البنك إلى أن قانون التمويل والسيولة والذي يُتيح للدولة إصدار أدوات للدين العام خطوةً مهمة نحو تخفيف الضغوط المالية.

وذكر التقرير أن الزخم الاقتصادي في القطاعات النفطية وغير النفطية بالسعودية لايزال مستمراً، متوقعاً أن تدعم إصلاحات رؤية 2030 الجارية وتعديل قوانين تملك الأجانب تدفّق الاستثمارات للملكة، فيما أوضح أن الإمارات تواصل تحقيقها لمعدلات نمو واسعة النطاق، مع توازن في القطاعات النفطية وغير النفطية، كما اتخذت الدولة خطوات كبيرة في تنويع قاعدة صادراتها.

وبالنسبة للبحرين، أفاد التقرير باستمرار معدلات النمو قوية مدفوعاً بالقطاعات غير النفطية، خصوصاً الخدمات المالية والسياحة. وتظل التوقعات متوسطة الأجل مدعومة في الاستثمارات بالبنية التحتية والغاز والخدمات اللوجستية والتكنولوجيا المالية والسياحة، رغم أن ارتفاع العجز المالي والدين العام واستمرار حدة الضغوط المالية، مفيداً بأن حركة التنوّع الاقتصادي في السلطنة تشهد تسارعا، حيث تُسهم القطاعات غير النفطية بشكل متزايد في دفع عجلة النمو، مع توقع الوصول إلى معدلات أعلى على المدى المتوسط.

وفي قطر، لفت التقرير إلى احتفاظ قطاعاتها غير النفطية بقوتها حتى مع انخفاض أسعار النفط والغاز، موضحاً أن من شأن توسيع حقل الشمال أن يدفع يزيادة كبيرة في إنتاج الغاز الطبيعي المسال، ما يعزز دور الدولة في تلبية احتياجات الأسواق العالمية.

تنويع اقتصادي

واستعرض التقرير مسار التنويع الاقتصادي في الخليج العقد الأخير، مشيراً إلى تحقيق تقدم متوسط السنوات الماضية مع بروز مؤشرات إيجابية الآونة الأخيرة، لافتاً إلى أن القطاع النفطي لايزال يحتفظ بدور محوري في الاقتصادات الخليجية، بينما تبقى الصادرات غير النفطية عند مستويات متواضعة، تتصدرها المنتجات الكيميائية، ما يعكس الحاجة إلى مزيد من الجهود لتقليل الاعتماد على النفط.

وأكد التقرير أن الحفاظ على هذا المسار يتطلّب استمرار تنفيذ إستراتيجيات الرؤى الوطنية، وإدارة مالية منضبطة تحد من مخاطر تقلبات أسعار النفط والتوترات الجيوسياسية وتباطؤ الإصلاحات المحتمل.

تحول سريع

وركّز التقرير على الطفرة الرقمية في المنطقة، حيث تتمتّع دول الخليج بتغطية تتجاوز 90 في المئة لشبكات الجيل الخامس وبإنترنت عالي السرعة بأسعار تنافسية، مبيناً أن الاستثمارات الكبيرة ساهمت في مراكز البيانات وأنظمة الحوسبة عالية الأداء في تعزيز جاهزية المنطقة للذكاء الاصطناعي، مع بروز كل من السعودية والإمارات كقوى إقليمية وعالمية في هذا المجال.

وتتبنّى الحكومات الخليجية تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي في إدارة الخدمات، مدعومة بمنظومات تمويل وابتكار تدعم مشاريع التقنيات المتقدمة.

تعظيم المكاسب

وأوصى التقرير بدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في تبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى توسيع برامج التدريب لرفع مهارات القوى العاملة، كما شدد على أهمية التعاون الإقليمي في البنية التحتية الرقمية وإنشاء مراكز تميز للذكاء الاصطناعي لتهيئة سوق رقمية موحدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان.

وقالت المديرة الإقليمية لدول الخليج لدى البنك الدولي صفاء الكوقلي، إن التنويع الاقتصادي والتحول الرقمي أصبحا «ضرورة لتحقيق الاستقرار والازدهار على المدى البعيد»، مؤكدة أن القفزة الرقمية في الخليج «مذهلة»، بفضل البنية التحتية المتينة ونمو القدرات الحاسوبية والمهارات المتقدمة في مجالات الذكاء الاصطناعي.

وأضافت أن تعزيز الاستدامة يتطلب مواجهة تحديات سوق العمل والبيئة بشكل استباقي، مشيرة إلى أن مشاركة المرأة الخليجية في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات تتجاوز المتوسط العالمي تتجاوز المتوسط العالمي، الأمر الذي يرفع القدرة التنافسية الرقمية للمنطقة.

الكويت تملك اتصالاً واسعاً

بالإنترنت وتغطي كل السكان

بالـ «5G»

أفاد البنك الدولي بأن دول الخليج شهدت تقدّماً واسعاً في التحول الرقمي، مع توسّع الاستثمار في البنية التحتية للاتصالات والبيانات، وارتفاع مستويات استخدام الإنترنت والخدمات الحكومية الرقمية، باعتبار هذا التحول دافعاً قوياً لخطط المنطقة لتنويع اقتصاداتها. ما يمكّنها من الاستفادة من مكاسب الذكاء الاصطناعي، لكنها في الوقت ذاته عرضةً لاضطرابات سوق العمل والتحديات البيئية، حسبما نبّه البنك في تقريره. ولفت البنك الدولي إلى أن الكويت تملك اتصالاً واسعاً بالإنترنت وتغطية شبكة الجيل الخامس «5G» تشمل كل السكان، لكنها تواجه تحديات في البنية المستقبلية للذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية مع وجود 5 مراكز بيانات فقط. ودعا البنك دعا في تقريره دول مجلس التعاون لتنفيذ مجموعة شاملة من السياسات لزيادة مكاسب الإنتاجية والتخفيف من اضطرابات سوق العمل وضمان الاستدامة البيئية. وتشمل هذه السياسات أدوات دعم الابتكار، وتطوير شبكات الأمان المهني، وإجراءات تعكس «ندرة موارد الطاقة والمياه لإدارة البصمة البيئية للذكاء الاصطناعي. وذكر البنك أن دول الخليج حققت إنجازات واسعة في التحول الرقمي، إذ تمتلك جميعها شبكات اتصالات قوية مع تغطية جيل خامس تتجاوز 90 في المئة واتصال واسع بالألياف الضوئية، وأن هناك استثمارات كبيرة في مراكز البيانات والحوسبة عالية الأداء، خصوصاً في السعودية والإمارات، كما تسجل دول الخليج نتائج مرتفعة في مؤشرات التنظيم والجاهزية للتحول الرقمي والأمن السيبراني والمهارات الرقمية، فيما «أكثر من 80 في المئة من السكان يمتلكون مهارات رقمية أساسية في معظم الدول، مع تقدم السعودية والإمارات في المهارات المتقدمة وخرّيجي العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات «STEM»، وفق التقرير».