«لنفتتح معاً موسم الجهراء الثقافي الثاني في هذا الصرح التاريخي الشامخ القصر الأحمر، الذي يتجلّى اليوم شاهداً على أمجاد الماضي ومنصة نابضة تجمع الأصالة بروح الحداثة، وتفتح آفاقاً جديدة لمستقبل الثقافة والإبداع في وطننا الغالي»...
بهذه الكلمات استهل وزير الإعلام والثقافة وزير الدولة لشؤون الشباب ورئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب عبدالرحمن بداح المطيري، أمسية افتتاح موسم الجهراء الثقافي الثاني والمستمر حتى 14 فبراير 2026، والذي أقيم تحت رعايته وحضوره في «القصر الأحمر» بمنطقة الجهراء، مساء الأحد.
«متابعة واهتمام كبيران»
وتابع المطيري، في كلمته «تشارك دولتنا العزيزة بما تمتلكه من إرث عريق بمتابعة واهتمام كبيرين من حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح،حفظه الله ورعاه، وسمو ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، وسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد عبدالله الأحمد الصباح،حفظهما الله، حيث يشكل التراث في رؤية قيادتنا الحكيمة رسالة حضارية وأداة لتعزيز الهوية الوطنية والتقارب الإنساني».
«مكانتنا الريادية»
وأضاف «ونحن نستهل هذا الموسم الذي يتزامن مع الاحتفال بمدينة الكويت عاصمة الثقافة والإعلام العربي لعام 2025، ما يعكس المكانة الريادية لدولتنا في المشهد الثقافي والإعلامي العربي، ويترجم نجاح المبادرات النوعية التي أطلقتها الكويت لتعزيز التواصل الحضاري واحتضان الفكر المبدع، وترسيخ دورها كجسر ثقافي يصل بين الأمم ويمنح الإبداع مساحة تليق به».
«التراث رصيد حضاري»
واستطرد قائلاً «أكدنا في النسخة الماضية ولا نزال أن التراث رصيد حضاري تستمد منه الأمم هويتها وقوتها، وأن المواقع التاريخية تشكّل ذاكرة حية تنبض بقصص النضال والعطاء وتجسد مسيرة الإنسان الكويتي الذي واجه التحديات بعزيمة وإرادة، وحلّ القصر الأحمر الذي شُيّد عام 1896 بأمر المغفور له بإذن الله الشيخ مبارك الصباح، طيب الله ثراه، رمزاً للصمود والوحدة الوطنية وشاهداً على بطولة أبناء الكويت، ليعود اليوم مركز إشعاع ثقافي من خلال فعاليات هذا الموسم المميز».
«حاضنة للإبداع»
وأشار المطيري، إلى أن «إستراتيجية المجلس الوطني دشّنت مرحلة جديدة من العمل المؤسسي القائم على الابتكار والإنتاج الثقافي المستدام، بما يزيد الهوية الوطنية ويحول الثقافة إلى محرك للتنمية المجتمعية والاقتصادية، ويسخّر مكانة الكويت كحاضنة للإبداع ووجهة ثقافية فاعلة في محيطها الإقليمي الخاص، وقد اتفقت فعاليات هذا الموسم على تطبيق عملي لهذه الإستراتيجية التي تستند إلى رؤية وطنية شاملة تستثمر ثراء التراث وقوة الإبداع لخدمة الإنسان الكويتي وتقدم حضوره العالمي».
«إنجاز»
وفي السياق ذاته، أشار المطيري، إلى انضمام الكويت إلى لجنة التراث العالمي في اليونسكو ممثلة عن الدول العربية، قائلاً: «هو إنجاز يعكس مكانة بلادنا الثقافية والتاريخية، ويجسد ما تحظى به مشاريع الحفاظ على التراث من دعم ورعاية من القيادة السياسية،حفظهم الله ورعاهم، إيماناً منهم بأن حماية الذاكرة الحضارية استثمار في مستقبل الأوطان.
ويُعد هذا الانضمام خطوة نوعية لتعزيز حضور الكويت دولياً، ويسهم في دعم جهودها عبر المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب لتأكيد دورها كشريك فاعل في صون التراث الإنساني وتوظيفه في التنمية والصناعة الثقافية والسياحة».
«لوحات فنية وتراثية»
تخلل حفل الافتتاح، عرض فني بقيادة المخرج الدكتور مشعل السالم، قاده الفنان القدير جاسم النبهان، حيث تناول تاريخ القصر الأحمر، مستعرضاً أبرز محطاته ودوره في الذاكرة الوطنية، ومشيراً في السياق ذاته إلى أن تجارة الخيل كانت تقام قديماً في الجهراء. حيث أضفى هذا العرض التمثيلي صبغةً درامية على الحفل.
أعقب ذلك، تقديم فرقتي «الفن الأصيل» و«الفنطاس» لعروض من الفنون الشعبية، أثرت المشهد التراثي وزادت الحضور تفاعلاً وانسجاماً مع روح المكان. كما كانت هناك مشاركة من ديوان شعراء النبط، ومشاركة لمجموعة من الخيالة بقيادة صلاح الأمير.
«الانتماء والهوية»
وجاءت ديكورات الافتتاح، مستلهمة من الكويت قديماً من بيوت الشعر التي انتصبت لتروي قصص البداوة، والخيول والبيارق بدورها كانت حاضرة لتؤكد الانتماء والهوية، بينما لم تغب صورة المرأة الكويتية القديمة عن المشهد، فكانت جزءاً لا يتجزأ من اللوحة التراثية التي جُهّزت بعناية لإعادة ربط الحاضر بماضيه.
«جولة»
وفي الختام، جال الوزير المطيري، في مرافق القصر بمرافقة محافظ الجهراء حمد الحبشي، حيث شملت الجولة زيارة معرض «زينة الإبل» الذي استعرض موروثات فنية وتراثية متصلة بحياة البادية وتقاليد العناية بالإبل، كما تعرف في الوقت ذاته على حياة الصقور، معرجاً على بيوت الشعر.
«وعي المجتمع بأهمية الثقافة»
رأى محافظ الجهراء حمد الحبشي، أن «فعاليات الموسم تأتي بدعم من المجلس الوطني في مختلف محافظات البلاد، بما يعكس دور الثقافة في رفع الوعي وتعزيز الهوية الوطنية. وهذا اللقاء المميز في (القصر الأحمر) الذي يجسد ذاكرة الوطن وتاريخه ويجمع بين أصالة الماضي وروح الحاضر يأتي احتفاء بانطلاق الموسم الثقافي الثاني لمحافظة الجهراء».
وأضاف «ما نشهده اليوم من حضور يعكس وعي المجتمع بأهمية الثقافة ودورها في نهضة الوطن، ومحافظة الجهراء تمضي بثقة نحو تعزيز مكانتها كمركز ثقافي بارز ورافد للحركة الثقافية الوطنية».
«رمز الهوية الكويتية»
قال الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الدكتور محمد الجسار، في تصريح لـ«الراي»، «بعد نجاح النسخة الأولى من الموسم، ارتأينا استمرار مثل هذه الأنشطة الثقافية للاحتفاء في الجهراء وتحديداً داخل (القصر الأحمر) الذي يعتبر رمز الهوية الكويتية والدفاع عن هذه الأرض الطيبة، ورمز للوطنية الكويتية. فهذا الموسم يشكل فرصة لتعزيز التواصل بين الجمهور والقطاع الثقافي عبر فعاليات نوعية تشمل العروض الفنية والمعارض التراثية بما يسهم في ترسيخ موقع القصر الأحمر والمحافظة على خارطة الأنشطة الثقافية في البلاد».
«ورش عمل»
أشار الأمين العام المساعد لقطاع الآثار والمتاحف بالتكليف محمد بن رضا، في تصريح لـ«الراي»، إلى أنه «كل خميس وجمعة وسبت، وبشكل أسبوعي، سيشهد الموسم إقامة أكثر من 60 ورشة عمل فنية متنوعة بمشاركة 30 مدرباً وبمعدل 15 طالباً بكل ورشة، والتسجيل متاح برسوم رمزية جداً (ديناران فقط)، من خلال رابط متاح عبر حساب المجلس في (انستغرام)».
ولفت إلى أن الهدف من الورش «صقل مهارات المشاركين وتعريفهم بأساليب جديدة في الفنون التراثية، ومشاركة المجتمع في الأنشطة الثقافية والفنية والفولكلورية».
وأضاف «كذلك، سيكون هناك العديد من الفعاليات التي ستقام كل أسبوع عبر مشاركة الفرق الموسيقية والفولكلورية. كما ستكون لدينا معارض متنوعة منها مشاركة (بيت السدو)، ولغة البحث في التراث من خلال (ديوان النذير)، ومعرض الأزياء الشعبية ومعرض أهم المقتنيات التراثية في البيت الكويتي وغيرها العديد من الفعاليات المتنوعة».