كشفت تقارير إسرائيلية متزامنة، عن تفاهمات سرية واسعة النطاق بين الإدارة الأميركية وحركة «حماس»، بينما تصاعدت التحذيرات من أن «الاحتلال وممارسات المستوطنين تحولا إلى سرطان يهدد جسد إسرائيل»، في مشهد يعكس تحولات عميقة في الملف الفلسطيني.
وبحسب تقرير مفصّل لصحيفة «يديعوت أحرونوت» بقلم الخبير العسكري رون بن يشاي، فإن «تفاهمات سرية واسعة النطاق بين الوسطاء وحماس في شأن قضايا وجودية للمنظمة» هي التي أقنعت كبار مسؤولي الحركة، بالموافقة في 3 أكتوبر الماضي على إطلاق الرهائن كافة.
وأوضح أن بنود التفاهمات السرية نصت على «بقاء المسلحين في غزة، حيث تعهّد الوسطاء، نيابة عن الولايات المتحدة، بأنه إذا أطلقت حماس كل الرهائن خلال 72 ساعة، فلن يُطلب من نشطائها ومقاتليها الذهاب إلى المنفى، بل سيتمكنون من البقاء في القطاع كمواطنين عاديين».
سلاح «حماس»
كما نصت على نزع سلاح محدود، أي الأسلحة التي تُعرّفها الحركة والوسطاء بأنها «هجومية» فقط، مثل الصواريخ والطائرات المُسيّرة، بينما تحتفظ بأسلحة «دفاعية» مثل البنادق والرشاشات وقاذفات صواريخ «آر بي جي».
وتضمنت دوراً رمزياً لقوة الاستقرار، حيث ستلعب تلك القوة متعددة الجنسية دوراً في نزع السلاح، لكن فقط بشروط متفق عليها بين الوسطاء والحركة، ولن تستخدم القوة في أي حال.
ووفقاً للتقرير، «طالبت حماس - وحصلت على - التزام مباشر من (دونالد) ترامب باحترام التفاهمات، في اجتماع سري بين المبعوث الرئاسي ستيف ويتكوف والقيادي في الحركة خليل الحية، حيث أكد ويتكوف أن الرئيس الأميركي على«دراية بخطة الـ 20 نقطة وملتزم تنفيذها، بالإضافة إلى الوعود غير المكتوبة التي قطعها الوسطاء لحماس».
تقسيم غزة: سيناريو أميركي طويل الأمد
وكشف التقرير عن خطة أميركية لإبقاء القطاع مقسماً إلى منطقتين،«المنطقة الحمراء» والتي ستسيطر عليها «حماس»، غرب الخط الأصفر، حيث يتواجد معظم السكان (نحو مليوني شخص) وتمتد على
43 في المئة من أراضي القطاع.
و«المنطقة الخضراء» التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي، حيث يتواجد 200 - 300 ألف غزي، وستشهد بناء «مجتمعات موقتة» مدعومة أميركياً.
آلية مراقبة ثلاثية
وكشف مسؤول رفيع المستوى في وزارة الدفاع الأميركية، أنه«تم وضع آلية مراقبة ثلاثية أميركية، مصرية وقطرية، للإشراف على تنفيذ الاتفاق في المرحلة الثانية».
وخُصص 75 مليون دولار لدعم آلية المراقبة والتحقق، على يسُمح لـ «حماس» بالاحتفاظ بـ 15 ألف قطعة سلاح خفيف لأغراض«الأمن الداخلي».
وصرح ناطق رسمي باسم الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بأنه سيتم تخصيص 50 مليون دولار للمرحلة الأولى من المشاريع الإنسانية
وستركز على بناء وحدات سكنية موقتة في«المنطقة الخضراء»، وسيتم توفير مساعدات غذائية طارئة لسكان غزة بالكامل لمدة 6 أشهر.
«سرطان الاحتلال»
وفي تقرير منفصل لصحيفة «هآرتس»، حذر الكاتب أوري بار يوسيف من أن«دولة إسرائيل مريضة بالسرطان. هذا السرطان له اسم وهو الاحتلال».
ولفت إلى أبرز نقاط التحذير:
- تشخيص تاريخي: كان البروفيسور يشعياهو لايفوفيتش أول من شخص هذا المرض. وقال رئيس الوزراء الراحل إسحق رابين في 1976 أن حركة «غوش ايمونيم» هي «سرطان في النسيج الاجتماعي الديمقراطي في دولة إسرائيل».
- فشل العلاجات: كل محاولات التعامل مع «سرطان الاحتلال» باءت بالفشل، من رابين إلى إيهود باراك إلى إيهود أولمرت.
- تحول جذري: قبل 1967، كانت إسرائيل قصة نجاح غير مسبوقة، حيث ازداد عدد سكانها أربعة أضعاف، ونما الاقتصاد 10 في المئة سنوياً، وكانت فيها شبكة أمن إستراتيجية حولتها إلى الدولة النووية السادسة في العالم.
- مفارقة أمنية: في العقد قبل حرب 1967 قتل أقل من 200 شخص في العمليات القتالية، بينما في العقد التالي قتل أكثر من 4 آلاف شخص.
وقال يوسيف، إن الحل الوحيد هو «مقاطعة دولية شاملة»، داعياً إلى «ضرورة مقاطعة دولية ثقافية ورياضية وسياحية واقتصادية لإسرائيل».
ورأى أن الضغط الدولي هو «العلاج الكيماوي» الوحيد لمواجهة سرطان الاحتلال، مضيفاً من «دون ضغط دولي، سيقتل سرطان الاحتلال، إسرائيل».
وأشار يوسيف «إلى تحول جذري في الموقف الأميركي من التعامل مع حماس، واعتراف غير مسبوق بالأزمة الوجودية التي تواجهها إسرائيل بسبب الاحتلال، وبداية مرحلة جديدة من التقسيم الوظيفي لغزة، وتصاعد الضغوط الدولية التي قد تصل إلى مقاطعة شاملة».
وأكد أن تلك «التطورات تمثل نقطة تحول تاريخية في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وتضع المنطقة على أعتاب مرحلة جديدة قد تحمل مفاجآت إستراتيجية كبرى».
إعدام الأسرى
في سياق منفصل، ادعى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، خلال اجتماع الكابينيت السياسي - الأمني، أنه «لا شك في أن صفقات تحرير أسرى فلسطينيين مقابل استعادة المخطوفين خلال الحرب ستشجع على تنفيذ عمليات خطف في المستقبل»، وذلك في سياق تبريره لسن قانون إعدام أسرى فلسطينيين.
وجاءت أقوال نتنياهو خلال مناقشة قانون إعدام أسرى فلسطينيين، واعتبار أن هذا القانون هو خطوة بين خطوات عدة يتعين على الحكومة مناقشتها بادعاء تقليص المحفزات على أسر إسرائيليين وإطلاق أسرى فلسطينيين في صفقات تبادل أسرى، وفق «يديعوت أحرونوت».
واقترح نتنياهو خلال اجتماع الكابينيت، التفكير في إرساء توصيات «لجنة شمغار»، بقانون. وذكر ما يعرف بـ «قانون لابيد»، وهو مشروع قانون قدمه قبل عشر سنوات رئيس المعارضة الحالية يائير لابيد، ويقضي بأن يتم إرساء قيود على الإفراج عن أسرى فلسطينيين بواسطة قانون، و«ألا يتم تحرير أكثر من مخرب واحد، بما في ذلك مدان بالقتل، مقابل استعادة مخطوف (أسير إسرائيلي) واحد».
وأشار نتنياهو إلى أن الكابينيت كان أجرى مداولات حول توصيات «لجنة شمغار» قبل هجوم 7 أكتوبر 2023، لكنه لم يتخذ قرارات في شأن التوصيات، وزعم نتنياهو أن«الحرب امتدت لسنتين بسبب قضية المخطوفين».
ونقلت الصحيفة عن وزراء أن النقاش في الكابينيت حول خطوات لمنع أسر إسرائيليين في المستقبل، ومن ضمنها قانون إعدام أسرى فلسطينيين، توقف بسبب ضرورة مناقشة مواضيع تتعلق بقطاع غزة.