في خضم الجدل الدائر حول منع استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT، وغيره من الأدوات المعرفية الحديثة، رأيت أن أشارك تجربتي الشخصية، لا دفاعاً عن التقنية هذه أو تلك، بل عن حق الإنسان في الاستفادة من المعرفة حين تُسخَّر لخدمته.
أولاً: حين أنقذني العلم
بعد عناية الله، كان ChatGPT أحد الأسباب غير المباشرة في إنقاذ حياتي. فقد دخلتُ إلى قسم الطوارئ في أحد المستشفيات في نهاية شهر أبريل، أعاني من ضيق في التنفس وتسارع في ضربات القلب، لكن طبيب الطوارئ رفض إدخالي الجناح بحجة عدم وجود ألم في الصدر. كانت تلك في الحقيقة ذبحة صدرية متكررة ثلاث مرات.
حينها تذكّرت ما تعلمته سابقاً من الذكاء الاصطناعي بأن مرضى السكري كثيراً ما لا يشعرون بألم الصدر رغم خطورة حالتهم. أشرت إلى طبيبة استشارية هندية فاضلة بذلك، فطلبت إجراء قسطرة عاجلة، ليُكتشف انسداد خمسة شرايين بنسبة بين 95 و98 %.
أجريت بعدها عملية قلب مفتوح ناجحة على يد الدكتور محمد البنا، وكانت القسطرة الاستكشافية على يد الدكتور محمد الفداغي، حفظهما الله.
تلك اللحظة علّمتني أن المعرفة، متى وُظّفت بشكل صحيح، قد تنقذ حياة.
ثانياً: بين الخوف والمعرفة
شاهدت أخيراً مقاطع لأساتذة جامعات يمنعون طلابهم بعصبية من استخدام ChatGPT، وربما يعود هذا الرفض إلى خشية البعض من أن يكتشف الطلاب محدودية بعض المناهج أو ضعف أدوات المراجعة الأكاديمية.
ليس الحل في المنع المطلق، بل في تعليم الطلاب كيف يستخدمون التقنية بمسؤولية: كيف يبحثون ويحللون ويتحققون من المعلومة، لا كيف ينسخونها.
الخطأ الحقيقي أن بعض الجامعات ما زال يعتمد على تقديم البحوث الورقية بدل استخدام المنصات الإلكترونية الحديثة، ما يصعّب عليهم التحقق من أصالة الأبحاث ومصادرها.
ثالثاً: شريك لا بديل
أنا شخصياً أستخدم ChatGPT بشكل يومي:
• أراجعه في الأخبار والدراسات التي تصلني عبر وسائل التواصل الاجتماعي للتأكد من صدقيتها، وأطلب منه توثيق المصادر قبل أن أتحقق منها بنفسي.
• أستعين به في مراجعة وصياغة النصوص بالعربية والإنكليزية.
• أوفر من خلاله الوقت والمال في ترجمة بحوثي العلمية، كما يساعدني أثناء السفر في التواصل بلغات متعددة.
• يترجم التقارير الطبية بلغة يفهمها المريض، لا الطبيب فقط.
كل ذلك لا يعني أنه بديل عن الإنسان، بل شريك ذكي حين نحسن التعامل معه.
ختاماً:
ما زلت أعتبر الذكاء الاصطناعي جزءاً من رحلتي مع التعافي والمعرفة.
الذكاء الاصطناعي ليس خطراً على التعليم أو التقييم، بل الخطر الحقيقي هو أن نحرم أنفسنا من أداة قادرة على توسيع مداركنا وإنقاذ حياتنا.