في كثير من العلاقات الزوجية يتهرّب الزوج من المسؤوليات المادية، ويلقيها على عاتق الزوجة، بحجة أنها غنية أو مليونيرة؛ والأصل أنه هو المتحمل لمصاريف البيت كلها، ويظن الزوج أنه من الطبيعي أن يكون الحمل المادي عليها، رغم أن مستواه يغطي كل احتياجات البيت ويزيد؛ ويصرّ على أنها المسؤولة؛ لأنها تمتلك أموالاً طائلة تفتح بيوتاً، وهي نظرة خاطئة ولا تخطر تلك الفكرة على بال زوج عاقل متزن.
مال الزوجة وغناها لا يعني أن تكون هي المنفقة، ولا يحق للزوج النظر إلى قدرة الزوجة المادية، ومن أجبر الزوجة على النفقة أو تلاعب عليها فهو ظالم، ولا كرامة له، هذا الزوج لا يرى في اتكاله على الزوجة عيباً، ويتهم الزوجة بالتقصير؛ لأنها في رأيه لم تؤد ما عليها من حقوق مادية تجاهه وتجاه الأولاد، ولا تهتم بهم رغم قدرتها المادية، وكأنه يضع قاعدة جديدة في الحياة الزوجية أن الأعلى مادياً هو الذي يتحمل المسؤولية كاملة، صاحب تلك الأفكار يستحيل أن يكون عاقلاً فهو مختل عقلياً، غير مؤهل للدخول في أي علاقات اجتماعية، خصوصاً الزوجية.
هذا النوع من الرجال يسقط من نظر الزوجة، فإنها تعيش مع شخص أناني اتكالي ضعيف الشخصية، المحزن هو ما ذاقته من ضغوطات نفسية وظلمها لنفسها؛ لأنها ارتبطت بشخص لا يستحق كلمة زوج، وليس الحزن على تنازلاتها المادية وصرفها للمال، ولكنها دفنت نفسها مع شخصية جاهلة غير قيادية تجلب الهم والتوتر الأسري.
قد تساند الزوجة زوجها بالمال سداً لباب العناد، وهو تصرف طيب تشكر عليه، ولكن الخطأ تعويده على المشاركة بصورة غير طبيعية؛ حيث تجعل الحمل الأكبر عليها، ثم يتحول الحمل كله عليها، وفي سكوتها عن ذلك ظلم لها ولأولادها، فمجرد الشعور البسيط بالظلم أو عدم شعوره بالتقصير وتلميحه بأنك تملكين الكثير، هو بداية نفور، وعن تلك الصورة يقول المتخصصون في علم النفس: «أن الناس إزاء تضحيات الآخرين ينقسمون إلى نوعين: نوع يقدر التضحية، وينظر إليها على أنها دَين في رقبته، ينتظر الوقت المناسب لسداده، ونوع آخر أناني يستغلها لمصلحته، ومع مرور الأيام يعدّها حقاً أصيلاً له».
الزوج الصالح هو الذي يقدر موقفها ويحترمها ويحاول أن يسدد ذلك بشكل صادق دون تلاعب، أما الأناني فلاشك أنه ظالم، ويجب على المرأة أن تصارحه بطرق هادئة تبين فيها تأثير تصرفاته عليها، وعلى نفوس الأولاد بأنه شخص ثقيل مرفوض، ولا مكانة له في حياة الأسرة كلها.
وإن لم تتعدل الأوضاع، ولم يحصل المراد، من الزوجات من تصبر وتقول: «ما باليد حيلة!» فإنها قد فعلت ما بقدرتها، ولم تجد حلاً سوى الصبر على البلاء، ومنهن من يزيد همها ولا تتحمل جو المشاحنات وترغب في الفراق!
وقد يكون الحل في اختيار الوضع الذي تفوق فيه الإيجابيات على السلبيات، كالأمان والحفاظ على نفسية الأولاد، ومن أسلم الطرق؛ عرض أوضاعها الزوجية على خبراء ثقات في علم النفس الاجتماعي، المشهود لهم بالصدق والأمانة.
aaalsenan @