ابتداءً من الجمعة، يقف «أمرُ العمليات» اللبناني - الفلسطيني بالقفْل النهائي لملفّ السلاح داخل المخيمات أمام محكّ القدرة على تنفيذ التفاهمات التي تم تظهيرُها إبان زيارة الرئيس محمود عباس لبيروت واختصرها عنوان «انتهى زمن السلاح الخارج عن سلطة الدولة اللبنانية».

وفي الوقت الذي واصلَ «أبومازن» الخميس، لقاءاته مع كبار المسؤولين في اليوم الثاني لزيارته لبنان التي تستمر حتى الجمعة، فإن أصداءَ إطلاقِ العدّ التنازلي لسحب سلاح المخيمات الفلسطينية راوحتْ بين:

- ارتياحٌ كبيرٍ لمسارٍ يعني واقعياً طيّ مفاعيل اتفاق القاهرة (1969) الذي أجاز «الكفاح المسلح للفلسطينيين» و«العمل الفدائي» انطلاقاً من الأراضي اللبنانية وفيها، وفي الوقت نفسه من شأنه أن يُعْطي بُعْداً تنفيذياً لقراريْ لبنان بـ «حصر السلاح بيد الدولة» - والمعنيّ به بالدرجة الأولى «حزب الله» - ولو من الباب الفلسطيني، ورفْضِ إطلاق الصواريخ من «بلاد الأرز» على اسرائيل والذي علا «صراخُ» بيروت فيه على «حماس» (بعد رشقتيْن من الجنوب أواخر مارس الماضي) ولكن «الصوتَ المرتفعَ» أوصل أيضاً الرسالة إلى الحزب.

- تَرَقُّبٌ لمدى إمكانِ ترجمةِ التوافق بين المرجعيتين الرسميتين اللبنانية والفلسطينية على بتّ ملف سلاح المخيمات وتحديداً لجهة شموله التنظيمات الخارجة عن السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، خصوصاً «حماس» في ضوء الامتداد الاقليمي لمجمل وضعيّتها في غزة كما لبنان وتَحَوُّلها من حلقاتِ «محور الممانعة» الذي «أشعلت» معه إيران قوسَ نفوذها بعد 7 «طوفان الأقصى» على قاعدة «تَرابُط المسار والمصير» بين أركانه الذين يشكّلون خط دفاعٍ «متعدد الطبقات» عنها ونظامها.

ولم يكن عابراً أن يعلن رئيس الحكومة نواف سلام، أنّه اتفق مع عباس على أن تعقد اللجنة المشتركة أول اجتماع لها لـ «وضع جدول أعمال واضح لتنفيذ آلية حصْر السلاح بيد الدولة بما فيه السلاح داخل المخيمات، ومناقشة ملف الحقوق المدنية للفلسطينيين في لبنان».

ولفت سلام الى أن «هذا السلاح لم يَعُد سلاحاً يساهم في تحقيق حقوق الشعب الفلسطيني، بل الخطر أنه قد يتحوّل سلاحَ فتنة فلسطينية فلسطينية وسلاح فتنة فلسطينية - لبنانية».

وقال إن «قوة القضية الفلسطينية اليوم ليس في السلاح الموجود في المخيمات الفلسطينية في لبنان، بل في تَزايُد أعداد الدول التي تعترف بدولة فلسطين، وفي مئات آلاف المتظاهرين في مختلف أنحاء العالم نصرة لفلسطين وغزة، كما هو في مقررات الشرعية الدولية وأحكام المحاكم الدولية التي تدين اسرائيل وممارساتها».

وكان سلام وعباس شددا خلال لقائهما في السرايا الحكومية على «تمسك الدولة اللبنانية بفرض سيادتها على جميع أراضيها، بما في ذلك المخيمات، وإنهاء كل المظاهر المسلّحة خارج إطار الدولة اللبنانية، وقفل ملف السلاح الفلسطيني خارج أو داخل المخيمات بشكل كامل، لتحقيق حصْر السلاح بيد الدولة».

وإذ أكدا أن «الفلسطينيين في لبنان يُعتبرون ضيوفاً ويلتزمون بقرارات الدولة اللبنانية، مع تأكيد رفض التوطين والتمسك بحق العودة»، جرى الاتفاق على تشكيل لجنة تنفيذية مشتركة لمتابعة تطبيق هذه التفاهمات.

كما شدّد سلام وعباس على «أهمية العمل المشترك على معالجة القضايا الحقوقية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين، بما يضمن تحسين أوضاعهم الإنسانية من دون المساس بسيادة الدولة».

الانتخابات البلدية والاختيارية

ولم يحجب هذا العنوان بالغ الأهمية الأنظارَ عن الجولة الأخيرة من الانتخابات البلدية والاختيارية التي تُجرى غداً في محافظتيْ الجنوب والنبطية، وقد اعتُمد لها يوم سبت وليس الأحد الذي يصادف ذكرى تحرير العام 2000 وهو يوم عطلة رسمية.

وعشية «خاتمة» الاستحقاق البلدي - الاختياري، ساد حبْسُ أنفاسٍ ليس لمعارك هي «معدودة» في محافظتين يَطغى عليهما حضور «الثنائي الشيعي» حزب الله وحركة «أمل» - اللذين فازا مسبقاً بأكثر من 40 بلدية بالتزكية (من أصل 144) في «لبنان الجنوبي» ونحو 18 (من أصل 88) في النبطية - بل حيال «أمن» هذه الانتخابات التي يُرجّح أن «تشارك» فيها اسرائيل بمسيّراتها التي لم تَغِبْ منذ سريان اتفاق وقف النار في 27 نوفمبر والتي كثّفت في الأيام الأخيرة استهدافاتها لكوادر وعناصر من «حزب الله» جنوباً، بما في ذلك يوم أمس.

وفي الوقت الذي سترتسم أيضاً من الجنوب مشهديةُ الاقتراع «تحت النار» وفوق الركام في بعض المناطق وخارج قرى «الأرض المحروقة» التي نُصبت لها أقلامٌ بديلة (وخصوصاً في مدينة صور)، حرص رئيس البرلمان نبيه بري، على توجيه نداء الى الجنوبيين للمشاركة الكثيفة في الاقتراع للوائح التنمية والوفاء، وخصوصاً في القرى الأمامية «لإنتاج مجالسها البلدية والإختيارية وللتأكيد من خلالها للمحتل الإسرائيلي ولآلته العدوانية، أن هذه القرى العزيزة لن تكون إلا لبنانية لأهلها ومساحة للحياة وليست أرضاً محروقة وسنعيد إعمارها ولن تكون شريطاً عازلاً مهما غلتْ التضحيات».

وكان بري أشار بعد استقباله الرئيس الفلسطيني رداً على سؤال حول وجود خشية من الاعتداءات الإسرائيلية خلال الانتخابات البلدية، إلى أنّ هذا «دائماً في الحسبان».

في الأثناء، أشار قائد الجيش العماد رودولف هيكل الى ان «العدو الإسرائيليُّ يصرّ على انتهاكاتِهِ واعتداءاتِهِ المتواصلةِ ضدَّ بلدِنا وأهلِنا، ويواصلُ احتلالَ أجزاءٍ من أرضِنا، ويعرقلُ الانتشارَ الكاملَ للجيشِ في الجنوب، ما يُمثّلُ خرقاً فاضحاً لجميعِ القراراتِ الدوليةِ ذاتِ الصلة».

«أمر اليوم»

وقال في «أمر اليوم» لمناسبة عيد «المقاومة والتحرير»: «أيُّها العسكريون، لقدْ باتَ منَ الواضحِ والمؤكد، أنَّ صمودَكم هو أحدُ أهمِّ أسبابِ استمرارِ لبنانَ ووحدةِ اللبنانيينَ وسلامةِ أمنِهم، وقد ظهرَ ذلكَ جليًّا في عملِكم المكثف، بهدفِ بسطِ سلطةِ الدولةِ على كاملِ الأراضي اللبنانية، وتطبيقِ القراراتِ الدوليةِ بالتنسيقِ الوثيقِ مع قوة اليونيفيل، ولجنةِ مراقبةِ وقفِ الأعمالِ العدائية، والانتشارِ في الجنوبِ ومواكبةِ عودةِ الأهالي إلى قراهم وبلداتِهم. تُضافُ إلى ما سبقَ الإجراءاتُ الاستثنائيةُ لمحاربةِ الإرهابِ والجريمةِ المنظمة، وضبطِ الحدودِ الشماليةِ والشرقيةِ وحمايتِها، فضلًا عن حفظِ أمنِ الانتخاباتِ البلديةِ والاختيارية، التي تُجسدُ إرادةَ لبنانَ وعزمَ أبنائهِ وتمسُّكَهم بالأنموذجِ اللبنانيِّ الفريد، وتطلُّعَهم إلى مستقبلٍ أفضل. ويجري ذلكَ فيما يُصرُّ العدوُّ الإسرائيليُّ على انتهاكاتِهِ واعتداءاتِهِ (...)».