تل أبيب أعلنت قتْل «مخرّب بحزب الله كان يخدم باستخبارات الجيش» وبيروت دَحَضَتْ المَزاعم
إسرائيل بدأت «استهدافاً خبيثاً» للجيش... ولبنان يَستشعر بالخطر الفادح
- متري: لا ضمانات أو تطمينات للبنان بعدم قيام العدو الإسرائيلي بتصعيد جديد
- العثور على رجُل سهيل الحسن مقتولاً في كسروان اللبنانية
في الوقت الذي كان مجلسُ الوزراء غارقاً، ولليوم الثاني على التوالي، في كيفيةِ إيصال مشروع «الفجوة المالية» إلى «برّ الأمان» بوصْفه طوقَ الخلاص من «طوفان» انهيار 2019 وأخواته، بدأت إسرائيل عمليةَ «حَفْرٍ» خطيرة للجيش اللبناني بدت في سياق تدشينِ مرحلةِ «تسييلِ» مضبطة الاتهام التَراكُمية التي اتخذتْ شكلَ تقارير زَعَمَتْ أن «حزب الله» أدمج عناصر منه في المؤسسة العسكرية الشرعية.
وعبّرت أوساط مطلعة في بيروت عن مخاوف كبيرة من الأبعادِ الخطيرةِ لإعلان الجيش الإسرائيلي عبر الناطق باسمه أفيخاي أدرعي أن أحد الأشخاص الثلاثة الذين سقطوا بغارةٍ في قضاء صيدا (الإثنين) هو «مخرّب في حزب الله كان يخدم بالتوازي في وحدة الاستخبارات التابعة للجيش اللبناني»، وآخَر عمل في وحدة الدفاع الجوي في قطاع صيدا في الحزب.
وفي إشارةٍ بالغة الدلالات قال أدرعي «إن جيش الدفاع ينظر ببالغ الخطورة لعلاقات التعاون بين الجيش اللبناني وحزب الله الإرهابي وسيواصل العمل لإزالة أي تهديد على مواطني دولة إسرائيل»، مؤكداً «العمل ضد عناصر الحزب العاملين في محاولة لإعادة إعمار بنى تحتية إرهابية في انتهاك خطير للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان».
الاستهداف الخبيث
وإذ جاء هذا التطور الشديد الحساسية بعد نحو أسبوع من تقرير لموقع «والا» الإسرائيلي نقل فيه عن معلومات استخباراتية أن حزب الله أدمج عناصر يعملون لصالحه ضمن الجيش اللبناني، بالتزامن مع تهريبه للصواريخ ونقله جزءاً من عملياته إلى تحت الأرض، فإنّ ما ضاعَفَ «حمولة» خطورته تمثّل في الآتي:
* أنه أول «مدّ يد» على الجيش اللبناني، كما أي مؤسسة أمنية شرعية، توقّعه تل أبيب رسمياً، وفق ما عبّر عنه ليس فقط أدرعي ببيانه على «إكس» بل بصورة مُرْفَقة زعمتْ أنها للرقيب أول في الجيش اللبناني علي عبدالله (نعاه الجيش) مع شخصين أعلن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أنّهما من «حزب الله».
* أن هذا الاستهدافَ المفضوحَ للجيش اللبناني يُخشى أن يكون فاتحةَ عمليات «متسلسلة» أخرى، سواء لتعزيز «سردية» اختراق حزب الله للجيش أو للضغط على المؤسسة العسكرية اللبنانية عشية مفترق 31 ديسمبر الذي يُنتظر أن تعلن معه بيروت انتهاء مَهمة حَصْرِ السلاح جنوب الليطاني والانتقال إلى شمال النهر (بين الليطاني والأوّلي)، وسط اعتراضِ الحزب على أي مساس بقطعةٍ من ترسانته خارج نطاق المسرح الذي اعتبره «حدود» القرار الأممي 1701 واتفاق وقف النار (27 نوفمبر 2024).
* أن التعرّضَ «الخبيثَ» للجيش اللبناني أتى بعد أيامٍ من نجاحِ قائده العماد رودلف هيكل بترميم الثقة مع واشنطن عبر لقاء باريس الذي حضره مع ممثلين للولايات المتحدة وفرنسا والسعودية، وخلص إلى وعْدٍ بعقْد مؤتمر دَعْمِ الجيش في فبراير، وهو ما اعتُبر أنه مهّد نصف الطريق لهيكل لمعاودة جدولة زيارته للولايات المتحدة التي كانت «طارت» بعد إلغاء لقاءاته في العاصمة الأميركية على وقع انتقاداتٍ لأداء المؤسسة العسكرية حيال «حزب الله» وخطة تفكيك ترسانته بسرعةٍ وجدية اعتُبرتا غير كافيتيْن.
* أن الاعتداءَ جاء وسط استعدادِ الجيش لتقديم تقريره حول مهمته جنوب الليطاني و«الخطوة التالية» شمال النهر وهل سيعتمد جدولاً زمنياً لهذه المرحلة، وهو ما يتمّ التعاطي معه على أنه من العناصر التي تسهّل على الولايات المتحدة لجماً جديداً لتل أبيب عن تصعيد كبير مع «حزب الله» كانت «بَرَمَجَتْه» مطلع ديسمبر وعلّقته حتى ما بعد 31 الشهر، وذلك على قاعدة منْح لبنان الرسمي فرصة إضافية لتأكيد جدية المضي في مسار سحب السلاح ومحكّه الرئيسي الآتي شمال الليطاني.
لبنان لن يترك المنبر «سائباً»
وفي حين كان بنيامين نتنياهو يعلن عن «مناورة كبيرة في الشمال تحسّباً لهجوم صاروخي واسع» وهو ما اكتسب أهمية أكبر عشية لقائه الرئيس دونالد ترامب حاملاً معه ملف «إيران أولاً» على «جَدْوَلِ الضرب» - من بوابة البرنامج البالستي ووفق نظرية «إسقاط الرأس يجعل الأذرع تتهاوى» – فإن لبنان الرسمي استشعر سريعاً فداحة الضرر الذي سيترتب على ترْك «المنبر سائباً» لاتهامات تل أبيب وسردياتها «المحدّثة» التي تُنْذِر بمزيد من الهجمات تحت عنوان مزعوم هو «استهداف عناصر حزب الله في الجيش».
وفي هذا الإطار برزت 3 مواقف متوالية:
* الأول من قيادة الجيش اللبناني التي أعلنت في بيان أن «أحد المواقع الإلكترونية المعادية نقل معلومات مغلوطة ومضللة حول انتماء بعض العسكريين وولائهم»، نافيةً «هذه المعلومات نفياً قاطعاً»، ومؤكدة أن «هذه الأخبار هدفها التشكيك بعقيدة الجيش وأداء عناصره، في حين أن انتماءهم ثابت وراسخ للمؤسسة والوطن».
* والثاني لوزير الدفاع اللواء ميشال منسّى الذي قال في بيان: «تتناول وسائل إعلام ومواقع إخبارية محلية وخارجية في الفترة الأخيرة ما تسميه علاقة أفراد المؤسسة العسكرية بأحزاب وجهات وتنظيمات تزعم هذه الوسائل والمواقع أنّ لأفراد الجيش علاقة بها، وهذا كلام مغلوط واستهداف خبيث يطال الجيش ودوره وتضحياته ومهامه الحالية والمستقبلية»، مضيفاً: «إنّ لجنود الجيش اللبناني ورتبائه وضباطه ولاء واحداً وحيداً هو للوطن والشرعية والعلم اللبناني. والإمعان في تعميم هذا الافتراء والطعن بولاء أفراد المؤسسة هو خدمة لأعداء لبنان وطعنة في ظهر أبطال الجيش الذين يحمون الوطن بصدورهم ودمائهم وأرواحهم».
* أما الثالث فلقائد الجيش الذي تحدث خلال اجتماع استثنائيّ حضره أركان القيادة وقادة الوحدات والأفواج العملانية وعدد من الضباط، وتناول فيه آخر التطورات التي يمر بها لبنان والجيش في ظل المرحلة الاستثنائية الحالية، وسط استمرار الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية.
وخلال الاجتماع، أشار العماد هيكل إلى «أن الجيش بصدد الانتهاء من المرحلة الأولى من خطته، وأنه يُجْري التقييمَ والدراسة والتخطيط بكلّ دقة وتأنٍّ للمراحل اللاحقة، ويأخذ مختلف المعطيات والظروف في الحسبان».
وتطرق إلى زيارته الأخيرة لفرنسا، لافتاً إلى الإيجابية التي لَمَسها خلال اجتماعاته حيال الأداء المحترف للجيش، ومشيراً إلى «أنّ هذا الأداء أصبح محل ثقة الدول الشقيقة والصديقة رغم اتهامات تطلَق بين حين وآخر، ومحاولات تضليل إسرائيلية تهدف إلى التشكيك بأداء الجيش وعقيدته».
وتناول موضوع المؤتمر المرتقَب لدعم الجيش بالقول: «أحد أهم أسباب الثقة والدعم للجيش هو وفاؤه بالتزاماته وواجباته في مختلف المناطق اللبنانية، لاسيما في الجنوب، رغم الإمكانات المتواضعة، وهذا أمر أثبتته التجربة (...) وسط تضامن من جانب الأهالي، وتعاون فاعل بين المؤسسة العسكرية ولجنة الإشراف على اتفاق وقف الأعمال العدائية واليونيفيل».
وأضاف: «نطمح إلى تعزيز قدرات الجيش كي يصبح الحامي والضامن لأمن اللبنانيين، ويملك القدرة للدفاع عن أهلنا على امتداد الأراضي اللبنانية (...) وهو ما تدركه الدول الشقيقة والصديقة التي تتوجه إلى توفير هذا الدعم للجيش وسائر المؤسسات الأمنية».
وفي موازاة ذلك، برز موقف لنائب رئيس الحكومة طارق متري الذي قال في حديث إذاعي («صوت كل لبنان») إلى «من حق اللبنانيين أن يتخوفوا بعض الشيء من أي احتمال تصعيدي إسرائيلي جديد على البلاد مطلع السنة من دون ذرائع، نظراً إلى أنه لا يمكن التكهن بنيات العدو»، لكنه اعتبر أن «المبالغة في التخوف مؤذية ولا تستند إلى معلومات جدية ولا لأسباب مقنعة».
وإذ نفى «وجود ضمانات أو تطمينات للبنان بعدم قيام العدو الإسرائيلي بتصعيد جديد»، شدد على أنه «من واجبنا أن نقطع الطريق على أي ذريعة للعدو للاعتداء على لبنان»، لافتا إلى أن «لجنة الميكانيزم سلكت هذا الطريق عبر البحث في كيفية التحقق من التزام الجيش اللبناني مهامه وفق الخطة التنفيذية التي وضعها».
وأشار إلى أننا «دخلْنا مرحلة جديدة في التعامل الدولي مع لبنان، لاسيما على صعيد الجيش»، كاشفا عن «التحضير لزيارة قريبة للعماد هيكل لواشنطن، ناهيك عن أن موافقة الولايات المتحدة الأميركية على إقامة مؤتمر خاص لدعم الجيش هو دليل أولي على الأقل أن موقف الجيش لم يعد كما كان».
وأضاف «الولايات المتحدة لم تعد تتبنى الاتهامات الإسرائيلية والأحاديث التي راجت عن أن الجيش اللبناني متواطئ وعاجز ومقصّر، بل على العكس أدركت أنه رغم الإمكانات المحدودة يقوم بعمله. وهناك تغيير جديد على مستوى تَفَهُّم الظروف التي تواجه الجيش اللبناني في حال استدعى الأمر تأخيراً لبعض الأسابيع في تنفيذ خطته على الأرض».
رَجُل سهيل الحسن مقتولاً
ولم تحجب هذه العناوين الشائكة الأنظار عن العثور على المدعو غسان نعسان السخني مقتولاً في منطقة كسروان (شمال بيروت)، وهو الذي كان ملقّباً بـ «الطرماح» نسبةً إلى ما عَرف بمجموعة «الطراميح» التي كان يترأسها (في ريف حماة) وعملتْ تحت إمرة الفرقة 25 في جيش النظام السوري البائد بقيادة سهيل الحسن.
وتحدّثت تقارير في وسائل إعلام لبنانية عن أن السخني أقام في منطقة طبرجا – أدما بعد لجوئه إلى البلاد عقب انهيار نظام الأسد في ديسمبر 2024، وأنه قُتل بعدما استقلّ سيارة طراز هيونداي بيضاء اللون يقودها مجهول.
وعاود هذا الحادث الإضاءة على ملف وجود فلول النظام السوري السابق في لبنان، وغالبيتهم منغمس في عملياتٍ مروعة ضد الشعب السوري الذي تستمر قيادته الجديدة بمطالبة بيروت بتسليم هؤلاء.