قرأت خبراً بأن معالي وزير التربية جلال الطبطبائي، أوعز للموجهين ومسؤولي الإدارات بتقديم تصور لإعادة بناء وتأليف المناهج الدراسية لكل المواد من الصف الأول الابتدائي حتى الصف التاسع المتوسط، والأمر لا يقتصر على تطوير أو تعديل جزئي، بل يتطلب إعادة صياغة شاملة، تستند إلى معايير علمية وتربوية معتمدة، تراعي المستجدات العالمية، وتتماشى مع القيم والمبادئ الوطنية، بما يرسخ الانتماء للكويت والولاء لقيادتها، ويسهم في بناء شخصية الطالب القادر على الإبداع والمواطنة الفاعلة.

ومن أبرز معايير تعديل المناهج هو تعزيز القدرة على تكوين جيل واعٍ ومتمكّن علمياً وفكرياً، والمناهج الجديدة يجب أن تكون مترابطة ومتكاملة، إضافة إلى تعزيز الهوية الثقافية الكويتية وتحفيز الابتكار، وترسيخ القيم والمفاهيم لتعزيز الولاء والانتماء، وتنفيذ رؤية شاملة تستند إلى مبادئ الدولة. خاصة أن تكلفة الطالب الكويتي سنوياً في المدارس الحكومية، تُعد الأعلى في العالم، وتصل إلى 4.693 ألف دينار (15.5 ألف دولار) في رياض الأطفال، و3.280 ألف دينار (10.83 ألف دولار) في المرحلة الابتدائية، و3.426 ألف دينار (11.32 ألف دولار) في المرحلة المتوسطة، و3.651 ألف دينار (12.06 ألف دولار) في المرحلة الثانوية. أما النتائج فهي جداً متواضعة حسب مؤشرات المنتدى الاقتصادي العالمي.

وللعلم، فإن التعداد السكاني مرشح للزيادة بمعدل يزيد على الضعف بحلول عام 2030، ويعمل أكثر من 80 في المئة من المواطنين الكويتيين في القطاع العام، وفي حين أن الإيرادات النفطية كبيرة، إذ تشكل في الوقت الراهن 90 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، فإنها ستتقلص مع مرور الوقت، ومستويات الإنفاق على نظامي التعليم والصحة بالكويت أعلى من متوسط الإنفاق في الاتحاد الأوروبي، لكن العائدات أقل بكثير حسب ما ذكرت دراسة رئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير، الذي كلفته دولة الكويت بإعدادها وتحمل عنوان «الكويت بحلول 2030».

إذاً، فنحن نعيش في عالم متغير بشكل كبير وأكبر من أن يتصوره العقل البشري، والنمط التعليمي السائد في العالم العربي إن لم يتغير فإنه سينتج أناساً لا وظائف لهم بسبب أن غالبية الوظائف ستتغير، وذكر التقرير الصادر عن المنتدى العالمي «مستقبل الوظائف» أن «الروبوت» ستحل محل الكثير من الوظائف الحالية، وذكر التقرير أن الوظائف التي سيتم الاستغناء عنها في المستقبل هي: مُدخل بيانات، مدير حسابات، سكرتير إداري، عامل تجميع في المصانع، موظف خدمة العملاء، مدقق مالي، مدير مخزن، مدير عمليات، موظف خدمات البريد، صراف البنك‪،‬ مُبرمج، مُطور مواقع، مُصمم، مترجم، معلم، محاضر، طبيب، مهندس معماري، محامي.

فنحن أمام تغيرات مختلفة جداً تاريخياً، وحجم الفرص سيتضاعف ولكن للمستعدين، ومن المهم أن تواكب المناهج المدرسية هذه المتغيرات السريعة.

وعندما نتحدث عن التعليم والمناهج المتميزة تأتي في المقدمة الدول الغربية، وعلى رأس هذه الدول تتربع «فنلندا»، حيث توفر الحكومة هناك رياض أطفال بأعلى المعايير، وتستقبل الطلبة من عامهم الأول إلى أن يبلغ الطفل سبع سنوات وهي مجانية للجميع، وتكون مخصصة للعب والتعليم المرح‪.‬

تعتبر وظيفة المعلم من أفضل الوظائف وهي في مستوى وظيفة الطب نفسه، ولكي يتم الحصول على وظيفة معلم يجب الحصول على درجة ماجستير مدفوعة التكاليف من قِبل الحكومة والمنافسة كبيرة للالتحاق بالبرنامج، ويقال إن المنهج الدراسي مختصر جداً، لدرجة أن مادة الرياضيات من الصف الأول إلى الصف التاسع أكثر من 10 صفحات فقط، وتترك التفاصيل الدراسية وطرق تدريسها إلى المعلمين الذين يتمتعون باستقلالية داخل الفصول الدراسية ليقوموا بهذه المهمة وإيصال المحتوى المفيد للطلبة‬. لذلك من المفيد والمهم الاطلاع والاستفادة وإيفاد واضعي البرامج للدول المتقدمة لأخذ التجربة منهم.

خلاصة الكلام أن مستقبل الوظائف سيتغير بسبب تطور الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، ومن المهم مواكبة هذه التغييرات وعلى وجه السرعة، وخطوة وزارة التربية جاءت بالوقت المناسب.