إنّ تنمية الشعور بالمسؤولية، من المحاور الكبرى التي حثّت عليها الشريعة لتحمّل المسؤولية تجاه السلوك الشخصي وتجاه المجتمع والحياة العامة، فالإنسان مسؤول عن المحافظة على دينه وتدينه من خلال أداء الواجبات والبعد عن المحرّمات، وهو في الوقت ذاته مطالب بتقديم النصح والإرشاد للناس، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والإنسان كذلك مطالب بالمحافظة على عقله من خلال التأكد من سلامة معتقداته، وحفظ عقله من الضلال والأفكار والتوجهات المدمرة.
إنّ من الأدوات التي تساعدنا على تنمية الشعور بالمسؤولية، تجاه أنفسنا ومجتمعنا، الثقة بالنفس فهي من تجعل المرء قادراً على القيام بالمهمات، وإنجاز الأعمال، ويستطيع طرح الأفكار، والقيام بأعمال لا يستطيع القيام بها إلّا القلة القليلة.
إنّ الواثقين بأنفسهم يندفعون إلى التفكير خارج الصندوق وطرح المبادرات الجديدة وتأسيس الأعمال غير المألوفة في بيئاتهم. من هنا ندرك أن المزيد من الثقة بالنفس يعني المزيد من الشعور بالقدرة على تحمل المزيد من المسؤولية، والعكس صحيح.
إنّ التجارب الناجحة التي يخوضها الإنسان بعد ما بلغ درجة حسنة من النضج، تعينه على إزالة ذلك الشك الذي يصاحبه في حقيقة ما يملكه من قوة، ومن حجم ما يستطيع القيام به من العمل، مهما كان عارفاً بنفسه وقدراته... ومهما كانت درجة ثقته بنفسه، فهي تمحو هواجس المخاطرة، وما يترتب عليها من فشل وانكسار، وخوض المزيد من التجارب الناجحة يشجع على المزيد منها ويدفع الإنسان إلى تحمّل مسؤوليات أكبر من أي مسؤولية تحمّلها في تاريخه الشخصي، ولهذا فإنّ ما نحققه من نجاح ليس ضرورياً بسبب قيمته الخاصة، وإنما هو مهم لتحقيق المزيد من النجاح بتحمل المزيد من المسؤوليات، ووضع المزيد من الخطط المستقبلية.
إنّ الطموح يدعو دائماً إلى توليد الخطط والبرامج المستقبلية، والتي تولّد لدى واضعيها الشعور بالمسؤولية عن تنفيذها، وللمجتمع دور كبير في تنمية الشعور بالمسؤولية لدى الأفراد، خصوصاً إن كان مجتمعاً على درجة عالية من التنظيم، لأن التنظيم يحدد المسؤوليات بشكل جيد. فالواحد منا لا يستطع العيش في مجتمع منظم وطموح من دون أن يحمل هذه المعاني، ويجسّدها في سلوكه.
M.alwohaib@gmail.com
@mona_alwohaib