واصل الزميل عبدالله بوفتين في الجزء الثاني من حلقة «التيارات السياسية»، وهي الحلقة الأخيرة لبرنامج «خارج الأدراج» في هذا الموسم على تلفزيون «الراي»، الحديث عن التيارات السياسية، حول الواقع والتحديات تجاه الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي في الكويت، مع ضيوفه عضو المكتب السياسي للحركة التقدمية الكويتية أحمد الديين، وممثل التآلف الإسلامي الوطني مبارك النجادة، والأمين العام المساعد للمنبر الديموقراطي مشاري الإبراهيم.
فقد أكد الديين أن الإصلاح السياسي هو المدخل لإصلاح شتى المجالات بشكل جدي، وأن الناس تدرك أن جزءاً من حقها في الحياة والكرامة، يتمثل في حريتها وقدرتها على التعبير. وأشار إلى أن الاقتصاد يعاني اختلالات، نظراً لأن الطبيعة الريعية تؤدي وظيفة «متخلفة»، مشدداً على أنه يجب ألا نتعامل مع عجز الميزانية على أنه «أكذوبة» بل حقيقة ولها أسبابها.
بدوره، قال النجادة إن مشكلة الحكومة على مدى عقود أنها لم تبادر بحل القضايا إلا عندما تصبح قضايا رأي عام، مؤكداً أن الأمل معقود على رئيس الوزراء من خلال التواصل الفعلي مع التيارات السياسية وقوى المجتمع المدني، وفي المجلس القادم ينشّط عملية اللقاء مع التكتلات البرلمانية، لإيجاد خارطة تشريعية جديدة، لافتاً إلى أن التيارات السياسية توافقت على أن تكون محاربة الفساد أولى الأولويات.
من جهته، عبر الإبراهيم عن الأمل بإيجاد قانون انتخابي يعزز المزيد من الديموقراطية، مبيناً أن «مفتاح الإصلاح في الكويت لابد أن يمر من خلال الإصلاح السياسي، وأننا مؤمنون بأنه متى ما أصلحنا المؤسسة البرلمانية والعمل السياسي سنكون قادرين على إصلاح باقي المجالات».
«يجب إيجاد بيئة لحياة حزبية سليمة بقانون ديموقراطي لإشهارها»
الديين: الإصلاح السياسي قد يتطلّب إصلاحات دستورية لمزيد من الحرية
- حياتنا غير مصمّمة للتعددية السياسية والحزبية وتداول السلطة التشريعية والتنفيذية
أكد عضو المكتب السياسي للحركة التقدمية الكويتية أحمد الديين، أن «الإصلاح السياسي مدخل للإصلاح في شتى المجالات بشكل جدي، ولتحقيقه نحتاج إلى انفراج سياسي، فعندنا ترسانة من القوانين المقيدة للحريات يجب تعديلها، ويجب أن يكون هناك ضمان لإطلاق الحريات العامة في العمل السياسي. كما أن الحريات الشخصية لها دورها وأهميتها، ولكن نحن نركز على الجانب السياسي في عملية الإصلاح السياسي، فقضية الحريات أولوية أهم من المجلس ومن أي ممارسات أخرى».
وقال الديين، في مداخلات متفرقة خلال الجزء الثاني من حلقة «التيارات السياسية»، إن «الصوت الواحد المجزوء، خرب العملية السياسية، فالدائرة تخرج 10 نواب، والناخب يختار نائباً واحداً، وهذا طبق في الأردن (وبلشونا فيه بالكويت) فهو أعاق الحياة السياسية»، لافتاً إلى أن «التمثيل النسبي والقوائم، (أي نظام مختلط بين الأكثري والنسبي) صحيح وموجود في الأنظمة».
الإصلاح
ورأى أن «الإصلاح السياسي يقتضي خلق إيمان بالتعددية السياسية والحزبية، وإيجاد آليات للتداول الديموقراطي للسلطة التشريعية أو التنفيذية، فالحياة السياسية لدينا غير مصممة لذلك، بل مصممة على (أساس احتكار السلطة السياسية والتنفيذية)، موضحاً يجب إيجاد بيئة لحياة حزبية سليمة، من خلال قانون ديموقراطي لإشهارها، كما أن تشكيل الحكومة لا يصح أن يتم على أساس فردي بل على أساس سياسي. فمتطلبات الإصلاح السياسي واسعة، ولاحقاً من الممكن أن يتطلب إصلاحات دستورية، باتجاه المزيد من الديموقراطية والحرية وليس في اتجاه تقليصها».
وتابع «نحن كحزب اشتراكي كويتي، قراءتنا تكون للواقع الكويتي، فالناس تدرك أن حقها في الحياة والكرامة جزء منها حريتها، وقدرتها على التعبير، فعندما تندفع الناس وتشارك بكثافة في الانتخابات (هل كرمال عين فلان؟) بل تذهب لأنها بالفعل تحاول أن تصلح وتغيير بحدود المتاح، وهذا له صلة بالواقع الفعلي، مبيناً أن «المطالب إذا وضعت بعبارات منمقة للنخب المعزولة عن الناس في أبراج عاجية هذا شيء، وملامسة الواقع شيء آخر، فنحن كاشتراكيين لا نفصل بين القضية الوطنية بالتحرر من الهيمنة الغربية، والقضية الديموقراطية والحريات والقضية الاجتماعية المعيشية، فنحن نراها متشابكة».
الاقتصاد
وأشار الديين إلى أن «آخر زيادة للرواتب كانت في عام 2012، فمن عام 2013 الى ديسمبر عام 2023 بلغت نسبة التضخم 32 في المئة وفقاً للإحصاءات الرسمية، فالدينار ذاك الحين قيمته اليوم 660 فلساً، عانت منه الطبقات الشعبية الفقيرة. وتحسين المعيشة أمر مشروع وطبيعي، والناس تريد الديموقراطية من أجل حياة كريمة ومستوى معيشي لائق، (وليس فضلاً يأتينا أو إكرامية)، فمراجعة الرواتب مهملة من جانب الحكومات ومجالس الأمة المتعاقبة. وهذه ليست قضايا شعبوية، ومن لا يلتفت للقضايا المعيشية للناس فهم متنكرون لها، فالناس تعاني، وتستحق أن تعيش حياة كريمة، وتحتاج إلى بيئة سياسية صحيحة وليست فاسدة، حيث إن الفلوس التي تذهب للناس (تنباق) مثل ما (انباقت) في قضايا متعددة، مثل صندوق الجيش والتأمينات وغيرها».
وأضاف «نحن ضد الخصخصة، فهم يريدون خصخصة حتى النفط والتعليم والصحة والجمعيات التعاونية، وهناك توجه لتقليص الدعوم وزيادة الرسوم على الخدمات، بينما المطلوب ضريبة الدخل على الأثرياء، وعلى المعاملات العقارية الضخمة والمضاربات التي تتم في سوق الأسهم».
اختلالات... الاقتصاد
رأى الديين أن «الاقتصاد الكويتي يعاني اختلالات، فالطبيعة الريعية تؤدي وظيفة متخلفة، في إطار التقسيم الدولي للعمل، بأن تصدر النفط الخام وتستورد السلع، هذا وضع سلبي، نحن لا نتعامل مع عجز الميزانية على أنه (أكذوبة) بل حقيقة ولها أسبابها، وهناك طرق لمعالجتها، ولكن ليس على حساب الطبقات الشعبية».
الضرائب العادلة وغير العادلة
قال الديين إن «القطاع الخاص مستأثر بمقدرات البلد ودوره سلبي، فهو لا يدفع ضريبة أرباح شركات، ولا ضريبة دخل من جانب الأثرياء، ولا يشغل العمالة الوطنية، فهناك نوعان من الضرائب ضرائب عادلة اجتماعياً، وضرائب غير عادلة، فضريبة الدخل على الأثرياء وعلى أرباح الشركات عادلة اجتماعياً، ويجب أن يدفعها القطاع الخاص».
وأضاف «في المقابل ضريبة القيمة المضافة غير عادلة اجتماعياً، لأنها تساوي بين المستهلكين وهذه نرفضها».
«الكويتيون البدون»
تطرق الديين إلى قضية «الكويتيين البدون»، وقال «لماذا أقول (الكويتيين البدون)؟ لأن الدولة تعترف بأن هناك عشرات الآلاف يستحقون الجنسية، وقانون الجنسية لو طبق من عام 1966 لم تكن هذه القضية موجودة. فالحقوق المدنية والاجتماعية والاقتصادية ليست مؤمنة بشكل جدي كقانون».
«الأمل معقود برئيس الوزراء للتواصل مع التيارات وقوى المجتمع المدني»
النجادة: مشكلة الحكومة القديمة عدم حل الأزمات... إلا عندما تصبح قضايا رأي عام
قال ممثل التآلف الإسلامي الوطني مبارك النجادة، إن «أولوية الإصلاح خلق مناخ إيجابي للعمل، ثم نبحث كيفية تحقيق هذا المناخ. فنحن قبل 3 سنوات تقريباً اجتمعنا، بدعوة كريمة من النائب السابق عبدالله عكاش والدكتور عبدالله سهر، حيث تمت دعوة التيارات السياسية، واتفقنا على أن نجلس في اجتماعات دورية، وطلب من كل واحد أن يقدم أولوياته، فوجدنا أن بيننا الكثير من الأمور المشتركة، حيث توافقنا على أن تكون محاربة الفساد الأولوية الأولى».
وأضاف النجادة، في مداخلات متفرقة خلال الجزء الثاني من حلقة «التيارات السياسية» بالبرنامج، أنه «بناء على هذا قابلنا القيادة السياسية، ورئيس الحكومة آنذاك سمو الشيخ صباح الخالد، وتواصلنا مع النواب، وكان لبندر الخيران دور فاعل في هذا الموضوع، حيث كنا نسعى لعقد مؤتمر وطني يتناول هذه القضايا، وقمنا بجملة من الندوات للتوعية، ولكن ما لم يدع هذه الجهود تقطف ثمرتها بالنهاية، هو عدم وجود مناخ صحيح للعمل السياسي بسبب (اللا استقرار) وبالتالي هذه الجهود نحن نسير فيها وحققنا إنجازاً».
عهد جديد
وتابع «نحن الآن أمام عهد جديد بوجود صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الصباح، أطال الله في عمره، وليس صعب الوصول إليه، وأنا أتحدث عن تجربتي الشخصية، فقد قابلنا صاحب السمو عدة مرات، ولم يكن صعباً الجلوس والحوار معه، والحوارات صريحة لأبعد الحدود، من طرفه أو من طرف من يجتمعون معه من القوى السياسية أو النواب، فإذن هذه الخطوة الأولى المطلوبة الآن، هي أن يجتمع من يستطيعون خلق خارطة طريق وطنية جديدة مع صاحب السمو، ويأخذون توجيهاته وإرشاداته».
وأشار إلى أن «الأمر الثاني هو التواصل مع رئيس الحكومة، وهناك أمل معقود على سمو الشيخ محمد الصباح، فهذا الأمل يجب ألا يموت، من خلال التواصل بشكل فعلي مع التيارات السياسية وقوى المجتمع المدني. وفي المجلس القادم ينشط عملية اللقاء مع التكتلات البرلمانية، ويخلق معها من جديد خارطة تشريعية، ويجب أن يختار نوعية من الوزراء يستطيعون أن يقوموا بدور التنسيق ما بين الطرفين، إذا حصل هذا نستطيع أن نقول إننا نرى النور في نهاية النفق».
مبادرة
وبيّن أن «الملفات يتم التحرك فيها بشكل متوازٍ، وليس بشكل متوالٍ، فالتحرك في نفس الوقت على أكثر من ملف، وكلها مستحقة، وفي طليعتها معاناة الناس المعيشية، وهذه القضايا ليست ترفاً أو متاجرة في مشاعر الناس، وأنصح الحكومة أنها إذا كانت تعتقد أن النواب أو المرشحين يتاجرون بهذه القضية، فلتسحب هذه الورقة منهم وتأخذ المبادرة في حلها. فمشكلة الحكومة على مدى عقود أنها لم تبادر، ولا تستشعر بحل القضايا إلا أن تصبح قضايا رأي عام، وتصبح معضلة ومشكلة».
وزاد«كل المتغيرات الاقتصادية يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، ومن مهمة الدولة أن تستشرف وتقرأ السنوات العشر المقبلة، وتضع خططاً وتبادر وتسبق الزمن. أما الأسطوانة التي نسمعها دائماً (السنة المقبلة لا نستطيع أن ندفع رواتب) فهل هذا لا يستحق أن يكون مقابله خطة اقتصادية متينة، يشترك في كتابتها عقول اقتصادية جباره لتأمين وضعنا للعقود المقبلة؟».
«نطمح لقانون انتخابي يعزّز الديموقراطية»
الإبراهيم: إصلاح البرلمان بوابة لمعالجة كل المجالات الأخرى
رأى الأمين العام المساعد للمنبر الديموقراطي مشاري الإبراهيم أن «الكويت تحتاج إلى مزيد من الديموقراطية، فمفتاح الإصلاح في الكويت لابد أن يمر من خلال الإصلاح السياسي، حيث نطمح أن يكون قانون الانتخاب لمزيد من الديموقراطية».
وتساءل الإبراهيم، في مداخلات متفرقة خلال الجزء الثاني من الحلقة، «كيف يتم إقرار قانون الانتخاب في ظل عدم وجود مناخ سياسي سليم؟ فالمطالبة بقوانين الإصلاح السياسي ليست ترفاً، لأننا رأينا ما عملت القوانين الرجعية، فقانون الصوت الواحد قلل من قدرة الناخب وثقل صوته، والنتيجة ما رأيناه خلال السنوات العشر الماضية».
وقال «هناك صراع أقطاب مرت به الكويت، في ظل وجود استقطاب من هذه الأقطاب للأفراد، حيث قدمنا في المنبر قانون القوائم النسبية، ودعمنا قوانين الإصلاح السياسي، وتواصلنا مع النواب لإقرار هذه القوانين، لأننا مؤمنون أنه متى ما أصلحنا المؤسسة البرلمانية والعمل السياسي في الكويت، سنكون قادرين على إصلاح بقية المجالات، فالمؤسسة البرلمانية تحتاج الى مراجعة، عن طريق إنشاء بيئة سياسية سليمة تحاسب النواب، ويجب إقرار قوانين الإصلاح السياسي ليكون المجتمع قادراً على تقييم أداء المؤسسة البرلمانية». وأضاف «هناك إقبال من الشباب للإسهام في التجربة السياسية، وتجد أغلبهم يتوجه للتيار والتنظيم الذي يمثل أفكاره، ويعبر عن توجهاته».
الاقتصاد
وأشار الإبراهيم إلى القضية الاقتصادية، متسائلاً «هل مطلوب من الشعب دفع فاتورة تراكمات الفساد الحكومي على مدى السنوات السابقة؟ فالزيادات مستحقة، في ظل التضخم وعدم مراجعة سلم الرواتب، كما أن هناك تفاوتاً في الرواتب، وهناك عدم ضبط للأسعار، فيجب إيجاد منظومة تتحكم بهذا التضخم غير المبرر في الكويت، فالإشاعة في الكويت ترفع الأسعار وهذه مصيبة».
وأضاف «نوافق على فرض الضرائب من حيث المبدأ على أصحاب الدخول المرتفعة، ولكن قبل ذلك لابد أن نعرف الضرائب ستذهب لمن؟ وهل ستذهب لنفس العقلية السابقة التي أدارت فوائض الكويت، نحن تعاملنا مع حكومات وفق التقارير، فيها سرقات وسوء إدارة، لذلك الأولوية لتحسين عيشة المواطن، ولكي نصل لهذه الأولوية يجب إقرار قوانين الإصلاح السياسي، فيجب دعم الطبقة الوسطى، وإيجاد منظومة اقتصادية قابلة للاستمرار لا تعتمد على النفط فقط، ويجب ضبط التصرفات المالية للحكومة».
الإصلاح الاجتماعي
ولفت إلى أن «الحالة الاجتماعية دائماً ما تربط في النقاش بالتقسيمات الطبقية للجنسية في الكويت، ومسألة الإخوان البدون (الكويتيون البدون) فهذا بعبع تم خلقه، نحن عندما نتحدث عن التركيبة السكانية يكون الحديث عن وافدين، الكويتي ألا يحتاج الى شخص وافد يقوم بعمل؟ والوافد في الكويت لم يأت تهريباً، بل جاء يؤدي غرضاً وينتهي منه ويرحل، فهذه ليست مشكلة، هذا خطاب يميني اعتدنا على رؤيته في دول أوروبا ودول أخرى. فالعجز في المستشفيات والمدارس ليس نتيجة وجود هذا الوافد في الكويت، بل هو نتيجة قصور في التخطيط الحكومي بحل الإشكاليات».
وأضاف «مشكلة الكويتيين البدون كبيرة جداً، نعاني منها الآن. ففي السابق كان يعاني منها الإخوان البدون، ولكن الآن نحن سنعاني منها، أنت تعامل أشخاصاً مستحقين للجنسية يجب تجنيسهم. ومرفوض ظلمهم مثل ما هو حاصل الآن ومحاربتهم والتضييق عليهم، لا على المستوى الإنساني ولا على المستوى الدستوري، لأن احترام حقوقهم واجب ويجب إعطاؤهم حقوقهم، سواء كانت الجنسية أو المعاملة على مستوى إنساني».