/>لا أنصحُ بنشر صور أجساد الشهداء من إخواننا في فلسطين لا سيما من الأطفال والنساء، الحروب تولّد ضحايا وهؤلاء الضحايا إذا كانوا من الشهداء فهم عند ربهم يُرزقون، لا يَصِّح عرض عوراتهم وأشلائهم على العامة، هم لم يُسألوا ولم يُطلب منهم الإذن؛ وأحسبُ أنّ أكثَرَهم لن يَرضوا بما يفعله الناس بهم بعد وفاتهم وعرض بقاياهم أمام الآخرين.
/>إّن الذين يعتقدون أنهم بهذه الصور سيحثوّن الأمة على نصرة إخوانهم، الذين يعتقدون ذلك هم مخطئون، فالأمة العربية كلها تقفُ معهم ولا يحتاجون إلى مزيد من التحفيز، ولكنهم، أي أمة العرب، جميعاً عاجزون عن ردّ العدوان، فهذه الهجمة ومن يقف وراءها أكبر من قدرات الأمّة مُجتمعة، والذي يدفع الثمن هم أولئك العُزّل والمدنيون الذين عَرفهم الناس أو عَرفوا بقاياهم بعد استشهادهم.
/>إخواننا في فلسطين لم يتبقَ لهم الكثير، فقدوا أرضهم؛ وعانوا عقوداً طويلة من بطش الاحتلال؛ وواجهوا أكبر قوة على وجه الأرض، الولايات المتحدة الأميركية، الداعمة الأبدية لإسرائيل، وفي كل استراحة موقتة تمُّر عليهم يعودون مرة أخرى إلى مرحلة الصفر، تتجاذب قضيتهم قوى داخلية وخارجية وكلٌّ يجتهد في مجاله، وكل اجتهاد تقع نتائجه على رؤوس الفلسطينيين وحدهم، طالت معاناتهم وطال صبرهم، ولكن للأسف لم يولد من تلك المعاناة وذلك الصبر اتفاق بين الفلسطينيين أنفسهم فاختلفوا وتمزّقوا؛ ومرة أخرى دفع الأبرياء الفلسطينيون ثمن ذلك الخلاف وذلك التمزّق.
/>لم يكن هناك خاسر في هذه الملحمة الشنيعة سوى الفقراء والبسطاء والأبرياء من هذا الشعب الجبّار، أما المختلفون فهم في شِقاقِهم يفرحون ويمدّون يدهم للخارج يبحثون عن مزيد من الشعارات التي تستفيد منها أحزاب وشعوب، شعوب ليس منهم الشعب الفلسطيني.
/>اليوم، لم يعد الشعب العربي قادراً على أن يتحمل هذا التكرار؛ ولم يعد قادراً على الصبر على تلك المآسي التي يعيشها إخوانهم في فلسطين، إنهم يطالبون الشعب الفلسطيني أن يتوحد ويعتمد على خالقه وما وهبه الله من إيمان، الخيار لهم وليس لغيرهم، هم من يقررون إذا أرادوا الاستمرار بالجهاد؛ أو أرادوا أن يعقدوا هدنة مع الدولة الصهيونية حتى يتمكنوا من إنشاء دولتهم، اليوم الفلسطينيون يشكّلون نصف عدد فلسطين التاريخية ومع الزمن وتكوين وطنهم سيكون الزمن معهم، وسينتصرون بالحرب أو بالسلام على أولئك الغزاة؛ وسيعيش الطفل الفلسطيني سواء في دولته أو في خارجها؛ سيعيش ليحلم بمستقبلٍ زاهٍ يمكن الوصول إليه وسيحقق، بما وهبه الله من قدرات، مجتمعاً متطوراً ووطناً متقدماً وستكون فلسطين دولة متطورة تنافس الجزء المقتطع وتعيده يوماً لن يطول، إلى أحضانها، إنها ليست أحلاماً بل هو أملٌ يراه العقلاء من العرب؛ ويعملون عليه، أما من يخاف ذلك فهم الإسرائيليون وتجار الحروب والدول والقوى التي لا تتمنى للعرب سوى الدمار؛ واستمرار نزيف الأرواح والأموال تحت شعارات، للأسف، انطلت وتنطلي على كثير من البُسطاء، البسطاء الذين يتحركون بالعواطف حتى لو أّدّى ذلك إلى مقتلهم.

/>من يصدق مع فلسطين ويحب أهلها ليعمل على توحيدهم وترك القرار لهم في إنشاء دولتهم، هذا هو المقياس الحقيقي والصادق.