الخصخصة هي الحلّ السحري!
اسمع هذه العبارة من موظفين ومسؤولين في الدولة، واسمعها في ممرات إدارات كاملة لا تقوم بعملها، وفي الوقت نفسه تطلب بخصصة مهامها واختصاصاتها... وهذا يعني عزيزي المواطن أنك سوف تتحوّل من مواطن إلى «عميل» مع الوقت، وتتحوّل الخدمات العامة إلى «منتجات» وسيكون لديك الفرصة للانتظار في طوابير طويلة ودفع المزيد من المال لشركات تقوم بمهام واختصاصات كان يمكن للحكومة وموظفيها أن يقوموا بها مجاناً وحسب الميزانيات المرصودة.
ماذا يعني كل هذا؟
يعني أن خصخصة الحكومة ليس المقصود فيها رفع الأداء الحكومي عبر تنفيذ مشاريع جديدة ونوعية من القطاع الخاص بل الاستحواذ على مهام الحكومة نفسها والتي ينبغي أن يقوم بها موظفوها حتى وصلنا للدرجة التي جعلتنا نستأجر شخصاً ليتولى عمل الموظف اليومي والذي يحصل على راتب أصلاً!
عندما يتحوّل الجميع من المواطنين إلى عملاء، والخدمة العامة تصبح مجرد منتج تجاري وندفع المزيد من الأموال لخدمات عامة مثل التعليم والصحة والترفيه والثقافة وخدمات المطار والطرق والكهرباء والماء... عندها لا تصبح الخصخصة هي الحل السحري، لأن الأمر برمته سيتحول إلى «مصمصة» لجيوب المواطن وعظامه وسيظل فاغراً فاه حتى قفاه على عبارات كان يردّدها بسبب الكسل ولا يعرف إلى أين يمكن أن تأخذه!
والسؤال الآن، إلى أين يمكن أن تأخذنا عبارات مثل تلك التي نسمعها في المؤسسات الحكومية؟ مصنع الكراسي هو مصنع مصري في مدينة القاهرة في حي الوراق، قرب وزارة الري ونهر النيل، أنشأه الرئيس جمال عبد الناصر، رحمه الله، لصناعة الأثاث، ضمن الخطة الخمسية الأولى، سعياً لنهضة مصرية صناعية إقليمية في الخمسينات، مساحة المصنع 50 فدّاناً، وكان إنتاجه جيّداً في عهد جمال عبد الناصر، أما في عهد السادات، فقد بدأت سياسة الانفتاح، وتضاءل بسببها إنتاج المصنع، من جراء سوء الإدارة «المتعمد» حتى التسعينات حين تحوّل إلى الخصخصة، ومنها إلى الإغلاق النهائي.
مرة أخرى وباختصار... أين تأخذنا الخصخصة؟ تأخذنا ورا مصنع الكراسي. وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله...أبتر.
moh1alatwan@