لا توجد ديوانية ولا تجمع وجلسة عائلية هذه الأيام إلا ويتم فيها طرح موضوع البديل الإستراتيجي للرواتب للنقاش وبحث تفاصيله التي تهم كل الاسر الكويتية، والغريب أن مثل هذا الموضوع الذي يعتبر ثورة في نظام التوظيف الحالي لا نجد إلا فتات معلومات من الحكومة الراعية لهذا المشروع والمسوقة له، فالحكومات المتعاقبة على مدى 10 سنوات تتطرق لهذا البديل ولكن بخجل شديد وتذكر رؤوس أقلام وتترك الشارع يسولف، إلا انها هذه المرة تبدو جادة في الموضوع وغير جادة في التوضيح.

مبدئياً، يجب أن نوضح أن الكويت دولة ريعية بمعنى أن كل الموارد الطبيعية هي ملك للدولة، فهي تنتج النفط وتبيعه وتصرف على الرواتب والبنية التحتية وغيرها من مصروفات الميزانية، إلا أننا في الكويت نواجه معضلة كبيرة اسمها الرواتب التي تلتهم من 60٪ إلى 70٪ من ميزانية الدولة، ولا تكاد تتوقف، فكل عام تزداد ميزانية الرواتب وبعد سنوات عدة قد تكون ميزانية الدولة للرواتب فقط، وهذه المعضلة هي السبب الاول والأخير لفكرة البديل الإستراتيجي وذلك لتقليص ميزانية الرواتب، أما العدالة والمساواة وتحسين الرواتب المتدنية فكلها جاءت لاحقاً كمكملات غذائية للوجبة الرئيسية وهي تقليص ميزانية الرواتب، هذه حقيقة يجب أن يعرفها كل مواطن ويبني عليها كل الاحداث السابقة واللاحقة بهذا الشأن.

أعلم ان نظام قانون الخدمة المدنية منذ عام 1979 لم يعدل ولم يطور، وأن هناك فوضى وعدم عدالة ولا مساواة في رواتب الموظفين وأنه منذ عام 2006 إلى 2013 حصلت معالجات عشوائية للرواتب مبنية على ردود أفعال واعتصامات، وأن هذا النظام فوضوي ويجب أن ينظم، ولكن الحكومة بتصرفاتها الغامضة تجعل من الوضع مربكاً، فالغموض بالاضافة إلى الحقيقة المطلقة بأن الهدف الرئيسي تخفيض ميزانية الرواتب في المستقبل تجعلنا نفكر بأننا أمام «فخ حكومي»، وإلا فعلى مجلس الوزراء طرح الموضوع في حوار عام وعرض القانون بتفاصيله الدقيقة في الاعلام.

عندما نتتبع كل ما يطرح بشكل رسمي عن موضوع البديل الإستراتيجي نجد كما كبيراً من التناقضات، الحكومة السابقة قالت في يناير الماضي إن قانون البديل الإستراتيجي احيل إلى مجلس الخدمة المدنية لابداء الرأي واقراره بعد الانتهاء منه، بينما الحكومة الحالية تؤكد أن القانون لا يزال قيد الدراسة وكل المعلومات المسربة غير صحيحة، إذاً ما هو الصحيح؟

الصحيح في رأيي هو ما قاله الشيخ محمد عبدالله المبارك، عندما كان وزيراً لشؤون مجلس الوزراء عام 2015، فقد قال حرفياً في تصريح متلفز إنه «اتضح لنا أن الانفاق الحكومي على باب الأجور والرواتب غير قابل للاستمرار وما راح نقدر ندفع رواتب، ففكرنا أن نوفر طريقاً إستراتيجياً مختلفاً ولذلك اسميناه البديل الإستراتيجي وممكن تسمونه بيض الخعفق... كيفكم».

وبالرغم أن الحلول يفترض أن تكون بتنويع مصادر الدخل وتحسين الميزانية إلا أن صراحته اعجبتني، واعجبني تهكمه وسوف استمر بتسمية القانون «بيض الخعفق الإستراتيجي» حتى تخرج الحكومة وتفصّل القانون في وسائل الاعلام، ونعرف الفرق بين «بيض الخعفق» و«فرخ الخعنفق»!