أيها الناس... بهذا الخطاب والرسالة العالمية افتتح النبي، صلى الله عليه وسلم، خطبة الوداع، كان نداً للبشرية كافة بعيداً كل البعد عن كل الدعوات العنصرية التي كانت موجودة قبل البعثة الشريفة، وخطبة حجة الوداع وضعت قواعد المجتمع، وأصول قواعد الأخلاق والقيم في تعامل الناس مع بعضهم البعض، وهو في الحقيقة دستور للحياة كما قال تعالى:«إن أكرمكم عند الله أتقاكم».

والعدل في التعامل مع الآخرين خصوصاً الضعفاء يعتبر من النواميس الكونية التي جُبلت عليها الفطرة السليمة، والتي أرسلت العدالة والمساواة ورفع الظلم عن المظلومين، وبالتالي توفير عيشة كريمة لكل من يأتي إلى هذه الأرض يبحث عن لقمة العيش والعمل الشريف يعتبر من أصول العمل والتعامل مع هذه الحالات.

لقد حارب الإسلام العنصرية، فقال تعالى: «يأَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا يَسخَر قَومٌ مِن قَومٍ عَسى أَن يَكونوا خَيراً مِنهُم وَلا نِساءٌ مِن نِساءٍ عَسى أَن يَكُنَّ خَيراً مِنهُنَّ وَلا تَلمِزوا أَنفُسَكُم وَلا تَنابَزوا بِالأَلقابِ بِئسَ الِاسمُ الفُسوقُ بَعدَ الإيمانِ وَمَن لَم يَتُب فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمونَ»، وقدم حلولاً ونماذج للقضاء على هذا المرض، ودعا إلى بناء مجتمع متراحم متسامح متعاون، وقال الرسول، صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».

ومن صور العنصرية في هذا العصر هو تصنيف الناس على حسب ألوان بشرتهم وانتماءاتهم أو ما لديهم من مال، حتى أصبح البعض يصدرها للخارج، فهناك العديد من الذين سافروا إلى دول أخرى في فصل الصيف تجدهم يصورون بعض المشاهد في هذه الدول ويعلقون عليها تعليقاً سيئاً، وكأن الذين صوروا خاليون من أي مشاكل أو ملاحظات.

وهناك الكثير من القضايا والأولويات التي يجب أن تشغلنا بدل الحديث عن أمور هامشية، عندنا طوابير من الشباب ليس لديهم فرص عمل، لدينا فجوة كبيرة بين الخريجين وسوق العمل، ولذلك نحن بحاجة إلى العديد من المهن والحِرف التي نعتمد عليها من خلال الوافد، مثل بعض المهن الطبية أو التعليمية وحتى في بعض أعمال البناء والتشييد، وماذا يعني إذا ضيقنا على الوافد أو مارسنا عليه العنصرية سنشهد هجرة الكفاءات كما حصل في بعض المهن الطبية، حيث تأتي العروض لهم من دول الجوار.

بعض الدول لديها وافدون أكثر منا بكثير، وكل لديهم أعمال معينة حسب احتياجات سوق العمل، والمجتهد يُكافأ والمخالف يُعاقب كما هو في الكثير من دول العالم، أما التحريض وإرسال الرسائل والتندر عليهم فهذا ليس من الأخلاق التي تربينا عليها، وأحد أكثر من يتحدث عنهم هو في الحقيقة عاطل عن العمل أو ليس لديه ما يشغله، ومن يتحدث عنهم هل تكلم في يوم من الأيام عن السبب الحقيقي في كثرة بعض العمالة الهامشية بسبب جشع بعض تجار الإقامات، الذين أخذوا من المساكين كل ما يملكونه ثم تركوهم في الشوارع يتسولون الناس، أم الحديث عن الطرف الأضعف دائماً... وليس في شرف الخصومة أن تتحدث عن إنسان ليرد ويدافع عن نفسه.

الوافدون في الكويت أكثر من 100 جنسية تخدم في هذا البلد، وفي مختلف المهن التي نحن بحاجة لها، وعندما حصل شح في بعض المهن شاهدنا زيادة الأسعار بشكل غير معقول على المواطنين، والمتضرر من ذلك هو جيب المواطن، وأكثر الدول تربط حاجة الوافدين بسوق العمل، وحل أي مشكلة يبدأ بالتشخيص السليم... وليس بالهروب والتحدث بعنصرية عن الآخرين.