أصدر جلالة الملك محمد السادس، ملك المغرب، أخيراً أمراً يقضي بتعطيل الدوائر العمومية ومؤسسات الدولة كافة في اليوم الأول من السنة الأمازيغية أسوة بالسنة الهجرية. ولقي هذا الأمر ترحيباً وطنياً على كل المستويات.

الأمازيغ قبائل متعددة في المغرب وشمال أفريقيا، وكتبت بطولاتها بأحرف من النور في التاريخ الإسلامي.

الأمازيغ لايزال الكثير منهم متمسكاً بالأصالة والعادات والتقاليد والحفاظ على العقيدة الإسلامية بسماحتها دونما تعصب، بل بالابتعاد عن كل ما من شأنه أن يجرح المعتقد أو يهدمه، ولاتزال إلى يومنا هذا تبنى في الجبال والقرى الأمازيغية دوراً لتحفيظ القرآن الكريم للأولاد والبنات، وتكون هناك احتفالات سنوية كبرى تكريماً لحفظة كتاب الله.

ذات يوم، زارني أحد المعارف وقبيل المساء همّ بالمغادرة فعرضتُ عليه أن أوصله لبيته في الجبل، وترافقنا في ذلك الطريق وأسدل الليل أستاره، ومشينا على طريق (ورزازات) وكان يجري اتصالاته ويتحدث باللغة الأمازيغية، وكان منهمكاً وجاداً في تلك الاتصالات وطلعنا إلى الجبل في طريق جديد ملتوٍ، في العاشرة وصلنا إلى دار صاحبنا، قال انزل وأهلاً وسهلاً، قلتُ له أنا ومرافقي الآخر اعذرنا الوقت تقدم والطقس بارد جداً، سنعود لمراكش وإن شاء الله سوف نزورك في وقت آخر، قال لقد ذبحنا الجدي وبعد نصف الساعة سيكون العشاء جاهزاً، ولن أسمح لكما أبداً بالعودة إلا بعد أن تتناولا عشاءكما.

أصبنا بصدمة لبرودة الطقس الشديدة، وحلف بأغلظ الايمان أن نتناول عشاء قد تم تجهيزه لنا.

حينئذ، أدركت سبب انهماكه بالاتصالات الهاتفية خلال الطريق حيث كان يوصي بذبح الجدي وتجهيز المكان والعشاء للضيف الكويتي ومرافقه، وكان يتحدث بالأمازيغية متعمداً لئلا نعلم ما ينويه.

نزلنا في بيت جبلي تم بناؤه من الطين وتفاجأنا بدفء المنزل الذي صاحبه دفء وصدق مشاعر صديقنا الأمازيغي الأصيل وكان عشاء لم نجد ألذ منه، اضطررنا بعد العشاء إلى المبيت في (تيشكا)، التي اكتشفنا جمالها في اليوم التالي بعد شروق الشمس.

الأمازيغ شعب شقيق محب، عرف بالكرم والنبل وعزة النفس... ونفخر بهم وببطولات أسلافهم في الفتوحات الإسلامية ونعتز بصحبتهم وهم رجال في المواقف في الشدة وفي الرخاء. وللحديث بقية... دمتم بخير.

jaberalhajri8@