فيما دقّت طبول الفرح إيذاناً بقرب حلول عيدي الوطني والتحرير، تألقت الكويت بكامل أناقتها، تمهيداً للاحتفال بهذه المناسبة العزيزة على قلوب المواطنين والمقيمين.

ولأن الأوبريتات الوطنية الكويتية، كانت ولم تَزَل «وصيفة ملازمة» لـ «عروس الخليج» في ليلة زفافها، فقد زخرت بها المسارح الأهلية والحكومية على مدى عقود مضت، فلا تكتمل هذه الفرحة ما لم تَتَغَنَ بحب الكويت، وتصدح الحناجر بأمجاد أهلها وآبائها وأجدادها.

فقد جاءت كلمة «أوبريت» من مصطلح «أوبرا» وهي مسرحية موسيقية غنائية خفيفة تشتمل في موضوعاتها على مجموعة ألحان متنوعة واستعراضات معبّرة، تجمع بين الحوار العادي بين الشخصيات والمقاطع الغنائية والموسيقية، وتعالج موضوع الحوار بأسلوب موسيقي، وللأوبريت مدارس مختلفة في العالم.

وقال الباحث في التراث الغنائي الكويتي صالح الغريب لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) إن بدايات تقديم الأوبريتات الوطنية في الكويت من خلال البحث في المصادر عمّا قدم من اجتهادات أطلق عليها هذا المصطلح تعود إلى عام 1972 عندما قدم المايسترو الراحل سعيد البنا عملين، الأول من كلمات الراحل أحمد عنبر، والثاني من تأليف الشاعر الراحل محمد الفايز.

وذكر أن أعمالاً كثيرة قدمت بعد ذلك منها «نصر الله الحق» للملحن الراحل عبدالرؤوف إسماعيل و«حديث الشهور السبعة» من ألحان أنور عبدالله وشعر يعقوب السبيعي، ضم ثلاث لوحات جسّدت عمق المأساة جراء الغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت عام 1990.

وتوقف الغريب عند الفنان عبدالعزيز المفرج «شادي الخليج» معتبراً إياه من أبرز المطربين الذين قدموا مجموعة كبيرة من الأوبريتات الوطنية الرائعة التي تفتخر بها المسيرة الغنائية الكويتية.

وذكر أن أوبريت «مذكرات بحار» يُعتبر من أبرز أعمال «شادي الخليج» الذي كتبه الشاعر محمد الفايز ولحنه غنام الديكان وشاركت فيه سناء الخراز، وقدم في أكتوبر 1988 خلال الندوة العالمية للإذاعيين العالميين في كوريا الجنوبية عندما فازت الكويت بالجائزة الذهبية عن برنامج «السندباد البحري» في هذا التجمع العالمي الذي حضره ممثلو 105 دول.

ونوّه بالملحمة الغنائية «حديث السور» التي قدمت قبل «مذكرات بحار»، وتحديداً في 25 فبراير 1988 وقام بأدائها «شادي الخليج» وهي من شعر الدكتور الراحل عبدالله العتيبي وألحان غنام الديكان.

«الفكرة وقوة التلحين»

من جانبه، قال رئيس قسم التربية الموسيقية سابقاً في كلية التربية الأساسية الدكتور فهد الفرس في تصريح مماثل لـ «كونا» إن نجاح الأوبريت يعتمد على الموضوع والفكرة التي يكتبها الكاتب وقوة التلحين والتوافق الثنائي بينهما، ثم يأتي دور المطرب الذي يجمع الكلمة واللحن ويعبر بأدائه وغنائه حتى تصل الفكرة إلى الجمهور بتوافق ثلاثي الكلمة واللحن والأداء.

وأوضح الفرس أنه غالباً ما يكون غناء الأوبريت بشكل جماعي معتمداً على الكورال الرجالي والنسائي ويتخلله غناء لمطربين عديدين ثنائي «دويتو» أو ثلاثي «تريو» وتصاحبهم فرقة موسيقية «أوركسترا» لا يقل عددها عن 50 عازفاً وأكثر بمختلف الآلات الموسيقية ويدير هذا التجمع الموسيقي القائد «المايسترو».

«مواكب الوفاء»

استذكر الغريب تقديم الثلاثي شادي الخليج وغنام الديكان والدكتور عبدالله العتيبي أوبريت «مواكب الوفاء» عام 1989 شارك فيه نحو ثلاثة آلاف طالب إضافة إلى مدرسين ومدرسات من وزارة التربية.

«أروع الأعمال»

أشار الفرس إلى أن الأوبريتات الوطنية اشتهرت في الكويت ضمن احتفالات الأعياد الوطنية وقامت وزارة التربية بتبني الموضوع، ووضعت ميزانية خاصة لها وتعتبر من أجمل وأروع الأعمال التي تُحاكي ماضي دولة الكويت وبطريقة غنائية رائعة.