في الوقت الذي تسعى به الدول المتقدمة إلى تطوير بيئة الأعمال والوظائف الإدارية والفنية والتعليمية من خلال زيادة الإنتاجية والتركيز على جوهر الخدمات وحوكمتها بعيداً عن عدد الساعات التي يقضيها الموظف خلف المكتب، وفي ظل توجه الحكومة المعلن بتطبيق نظام الدوام المرن الذي يهدف لتخفيف الازدحامات المرورية ويقلل من التكدس الوظيفي والبطالة المقنعة، خرجت وزارة الأوقاف بعد الساعة العاشرة ليلاً بقرار مريب يزيد ساعات العمل على موظفي قطاع تعليم العلوم الشرعية الصباحية والمسائية لتحمّل ديوان الخدمة المدنية قرارها دون مراعاة لطبيعة عمل تلك الجهات التعليمية وجعلته من الساعة الثانية ظهراً حتى التاسعة مساء!

لا أشك أن الوزارة أوقعت نفسها في ورطة بهذا القرار السريع والارتجالي بعد أن تراجعت واصدرت بياناً لاحقاً تؤكد أنها خاطبت الديوان من جديد لتراعي طبيعة عمل الجهات المعنية بالقرار للأخذ بعين الاعتبار طبيعة بعض الوظائف بالوزارة التي لا تتناسب مع الأوقات الجديدة! ما يؤكد حجم التخبط الذي حدث وذلك لأسباب عدة.

قرار مجلس الخدمة المدنية رقم 41 لسنة 2006 في المواد 4 و9 و15 في شأن الدوام في القطاعات ذات الطبيعة الخاصة كالتعليم أعطى الوزير المختص صلاحية للتنسيق مع الديوان لتنظيم العمل وبالتالي فان تحميل ديوان الخدمة المدنية قرارات تعنى بالوزارة وجعل الديوان شمّاعة لسوء إدارة الوزارة في تنظيم اعمالها يؤكد حجم التخبط.

وصف القرار الجديد الذي غرّدت به الوزارة الساعة العاشرة ليلاً خارج سرب الحكومة بأنه ارتجالي وغير مدروس... حقيقة مطلقة، لأنه ومن دون تفكير جمع موظفي وزارتي التربية والأوقاف في الوقت ذاته في المدارس المشتركة بين «التربية» و«الأوقاف»، كما جمع موظفي الفترتين الصباحية والمسائية في وزارة الأوقاف الذين يستخدمون المباني ذاتها التابعة للوزارة مع بعضهم البعض فترة الظهيرة!، غير أنه جمع موظفي الدولة في الفترة الصباحية مع موظفي الفترة المسائية في «الأوقاف» في شوارع الكويت في الوقت نفسه لزيادة طين الازدحامات المرورية بلّة! ولا عزاء لخطة الدوام المرن.

جميع وزارات الدولة التي تعمل في الفترة المسائية وبالتحديد في الحكومة مول ومراكز خدمة المواطن تعمل في نظام الدوام المسائي تبدأ أعمالها من الساعة الرابعة مساء حتى الساعة الثامنة، ولكن لماذا عندما وصل الأمر عند قطاع الدراسات الإسلامية التي تقوم بتعليم العلوم الشرعية صار الأمر مرتبطاً بقانون الخدمة المدنية؟!

إلا أن السؤال المهم، ما الغاية من جعل معلمي وموظفي قطاع الدراسات الإسلامية يحضرون للعمل قبل الدارسين والطلبة بساعتين وبعد نهاية دوامهم بساعتين؟ علماً بأنه في كل أنحاء العالم دوام القطاعات التعليمية يبدأ وينتهي بدوام المتعلمين.