من أهم القواعد والركائز في الحياة قاعدة أن أبحث عن فائدتي في كل أمر وإن كان ظاهر الأمر مزعجاً أو غير حقيقي أو متعباً نفسياً أو اجتماعياً، ورغم أن هذه القاعدة سهلة الصياغة وبمنتهى السهولة في السرد فهي بالوقت نفسه صعبة التطبيق، ويصعب استرجاعها أو تذكرها لحظة التعرض للألم أو لحظة الحاجة إليها، إلا أن ذلك الرجل المسن الذي قرر أن يشتري سيارة مرسيدس بسعر دولار واحد كان حاضر الذهن ذاك الوقت، يملك نوعاً من الذكاء يدعى الذكاء الرياضي المرتبط بحل الأمر واقتناص الفرص المالية.
قرأ ذات يوم إعلاناً ينص على (للبيع سيارة مرسيدس بدولار)، بالطبع الكثير والكثير سيظن أن هذا الأمر مزحة من الوهلة الأولى، فالسيارة التي يقتنيها الطفل هي أغلى من هذا السعر، وأيضاً كراسة على شكل سيارة سعرها يفوق هذا السعر، وكوب بكل سيارة أيضاً بسعر أعلى، فهل يعقل أن تكون سيارة حقيقية بهذا السعر؟
منطقياً وتحليلياً لا، ولكن بتفكير إبداعي ورياضي المسألة مختلفة تماماً، فأصحاب هذا التفكير يؤمنون بالممكن وإن كان لا يمكن، أو قد يظنه البعض مستحيلاً، والآن اسأل نفسك عزيزي القارئ، لو قرأت هذا الإعلان ستتجاهله أم ستتصل على صاحب الرقم وتطلب رؤيتها لتشتريها ؟
عملت هذا الاستفتاء في أحد الحسابات التابعة لي وأجاب بنسبة 95 في المئة أنهم سيتجاهلون هذا الإعلان لأنه وهمي فالردود كانت كالتالي:
نصابين أكيد
أكيد طفل ماخذ جهاز أمه
مستحيل يكون صج
والكثير من ردود الرفض والجزم بعدم حقيقة الإعلان، إلا أن هذا الأمر حدث بالفعل في أميركا عندما قررت أرملة أن تبيع سيارة مرسيدس بهذا السعر.
وقرر الرجل المسن أن يصدق الخبر ويذهب لشرائها، وعندما ذهب فوجئ بأنها جديدة وبحالة ممتازة.
فسأل الأرملة بكم؟ فاجابت بدولار كما كان مكتوباً بالإعلان.
بالطبع الموقف كله محل استغراب وذهول وفعلاً قرر شراءها واشتراها، ثم ذهب لها وسألها، هناك قصة بالتأكيد خلف الدولار أجابته بالطبع هناك قصة، فزوجي كان يحب سكرتيرته وقرر أن يكون ثمن هذه السيارة لها بعد وفاته وأوصى بذلك وأنا نفذت قانونياً هذه الوصية.
هنا يكمن استخدام الذكاء الانفعالي، أن آخذ الموقف المزعج وأحوله لصالحي، ويكمن ذكاء الرجل المسن في اقتناص الفرصة التي تأتي بشكل لا فرصة، فأنا دائماً أكتب وأقول الفرص تأتي مقنعة لا تأتيك بصورتها الحقيقية وإلا اقتنصها الجميع.
ولأن الحياة تعطي الأذكياء، كان ذكاء الأرملة موضوعاً يستحق أن يكتب كمقالة وقدرة المسن على اقتناص الفرص ردة فعل تستحق الكتابة.
أما العبرة من كل هذا فهي أن الحياة لن تتشكل لك بصورة مثالية بل ستأتيك بصور مختلفة، افتح آفاق تفكيرك، استفد من كل فرصة وابتعد عن التحليل والمبالغة في تفسير الأمور، فالتحليل المبالغ فيه إضاعة وقت، والنقاشات الكثيرة تسلب الطاقة، وإصدار الأحكام المنطقية غير مجزية في عالم الفرص واقتناصها، فعالم الإبداع يتميز باللاوضوح عكس العالم المنطقي الذي يتميز بالوضوح، اختر: هل تريد أن تعيش تقليدياً؟ أو أن تكون مبدعاً وتفكر بإبداعية؟ وهل ستشتري سيارة بـ دولار؟ أو 300 فلس كويتي إن قرأت هذا الإعلان؟
Insta، Twitter: @drnadiaalkhaldi