من الهندسة الكيميائية، إلى البحر التربوي الذي لا تهدأ أمواجه، كانت رحلة مدير الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي وجودة التعليم الدكتور حمد العدواني، الذي وقع عليه الاختيار ليكون وزيراً للتربية وزيراً للتعليم العالي والبحث العلمي.

الوزير الجديد الحاصل على الدكتوراه في الهندسة، تنقل بين المناصب الجامعية، وصولاً إلى منصب عميد القبول والتسجيل في جامعة الكويت، حتى عين مديراً لجهاز الاعتماد الأكاديمي، وكان الأمين على جودة المخرجات الجامعية، وعلى تطبيق مؤشرات الأداء المؤسسي للوصول إلى تعليم فائق الجودة، وسط توقعات بأن ينقل تجرته تلك ليقود ثورة إصلاح في وزارة التربية، تحقق لها الارتقاء في مستوى مخرجاتها وتضمن لها الجودة في نظامها التعليمي.

العدواني الذي نشر ثقافة التقييم الذاتي في الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي، وقد شهدت له بالكفاءة والخبرة في وضع قواعد المقاييس الكاشفة للأداء الفعال، والتي«من خلالها تسهم المخرجات في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة»، تنتظره في وزارة التربية عشرات القضايا التربوية المتراكمة التي بحاجة إلى برنامج متكامل للإصلاح، والأمل على الوزير في أن يقود سفينة هذا الإصلاح في البحر التربوي، وأن يشق عبابها بتطبيق مناهج المعايير التي طال انتظارها.

وثمة مقترحات تمهد الطريق التربوي للإصلاح، تبدأ بإعادة النظر في هيكلة القطاعات واختصاصاتها، وتحديث هيكل المنطقة التعليمية واعتماد مسودة الهيكل التنظيمي للمدرسة، وتحديث بطاقات الوصف الوظيفي للوظائف كافة، مع فتح الملفات الفنية التي بحاجة إلى تحديث، ومنها ملف المناهج والتحول الرقمي ومشاريع الخطة الإنمائية.

ومع انتهاء جائحة كورونا بتداعياتها ذات الأثر الواضح على النظام التعليمي، فإن العمل على رفع الكفاءة الداخلية لنظام التعليم في كل مكوناته من مدخلات ومخرجات، بدلاً من الاعتماد على مؤشر نسبة الإنفاق من الناتج المحلي الإجمالي، أمر ذو أهمية في تخفيف بعض من آثار الأزمة، واستثمار ما تم بناؤه من أطر فكرية للقيادة المدرسية وفقاً لمؤشرات جودة الأداء المدرسي، إضافة إلى العمل على ترميم جدار التحصيل الدراسي لدى الطلبة، وإعادة الثقة للمدرسة في تكوين شخصية المتعلم وصقلها، بعد الفجوة التي أحدثتها الأزمة لـ3 سنوات متتالية.

الوزير القائم تخصصه على الدقة في تحليل المعادلات، والذي انطلقت مسيرته من بوابة الهندسة الكيميائية، يقف اليوم على أعتاب مرحلة جديدة من العمل الشاق لإصلاح الواقع التربوي، ولبنة البناء الأولى في ذلك إعداد استراتيجية ثابتة لوزارة التربية لا تتغير بتغير الوزراء، وإعادة رسم أدوار المركز الوطني لتطوير التعليم، مع إنشاء مركز وطني للتقييم والاعتماد يتم من خلاله توظيف المؤشرات الوطنية الواردة في إطار التميز المدرسي وإطار المتابعة والتقويم على مستوى المنطقة التعليمية، وفوق تلك الخطى الأساسية، تكون قواعد البناء قوية في تحمل كل تغيرات الإصلاح الآتية لبناء واقع تربوي مواكب للعالم المعاصر.