في هذه الفترة من الزمن بدأ البلد يَسَخن تدريجياً، ويفتح عيّنيه بكل اتساعهما، وتوقف فمه عن كثرة التثاؤب، وأيضاً أخذت تطرأ على البلد تغيُرات سريعة وجذرية، وانطلق قِطار المُحاسبة القانونية بعنفوانه فوق سِكته ليصل لمحطات الفساد الكثيرة التي جعلت الكويت تعيش في حالة شلل منذ سنوات عدة، كما يعيش الجسد المُثخن بالأمراض فوق سرير الضياع.

في يوم 31 يوليو 2020 كتبت هنا في زاويتي هذه في جريدة «الراي» مقالاً بعنوان (ريتز كارلتون كويتي)، حيث تمنيت أن تفعل حكومتنا مثل ما فعل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، حينما أمر بتخصيص فندق الريتز كارلتون في الرياض لإيداع العديد من أُولئك الذين لامست الشُبهات القانونية أموالهم، والتحقيق معهم ومحاسبتهم بدقة شديدة.

ومما كتبته في ذلك المقال: «آه يا بلد، أعانكَ الله تعالى على الذين يشفطون من صحتكَ وعافيتكَ ليلاً ونهاراً من دون توقف ومن دون رحمة وشفقة، حتى أخذ البعض الآن يُصرّح بأنكَ بدأت تمرض مادياً! وكيف يا بلد لا تمرض مادياً؟! والذي يُنهب من خزينتكَ منذ سنوات أكثر بكثير من الداخل إليها»!

ونحن في الكويت لا بد أن نرفع سِكِينة المحاسبة عالياً في وجه الفساد، بلا رحمة وبلا هوادة وبلا تراخٍ، لأن الشعب شبع من الخذلان الذي مرّ عليه وهو يشاهد بعينيه الكثير من اللصوص الذين مصوا عافية الوطن ونهبوا ثرواته يدخلون لمكاتب التحقيق ثم بعد لحظات قصيرة يخرجون من الأبواب التي دخلوا منها برداً وسلاماً، ومن ثم يتم حفظ ملفات تلك القضايا وكأن لم يحدث شيء، والسبب كما يُشِيعون أن هناك قُصوراً في مواد القانون! ولا أفهم لماذا لا يتم استنباط وإيجاد قوانين صارمة منذ زمن لتسد ذلك القُصور القانوني لحفظ أموال الشعب وكرامة الوطن!

الشعب في هذا الوقت يستبشر خيراً وهو يرى أن الحكومة الجديدة في هذه الحقبة الجديدة أخذت تحاسب بجدية أُولئك الذين تورطوا سابقاً بقضايا غسل الأموال، وبعض التُجار والشيوخ ونواب البرلمان والضباط والكثير من المتنفذين والمشاهير، وبعض كبار الموظفين في الدولة، من الذين انتفخت أرصدتهم البنكية في وقت سريع بسبب أن لا حسيب ولا رقيب عليهم، وبسبب أن لا ذمة لهم ولا محبة صادقة للكويت، وننتظر من الحكومة أن تودعهم في السجون وتسترجع منهم الكثير من مليارات وملايين الدنانير التي حلبوها بالباطل من المواطن الغلبان ومن خزينة الدولة.

في نهاية المقال... اللهم احفظ هذه البلاد، واحفظ وليّ أمرها صاحب السُموّ أمير البلاد، واحفظ صاحب السُموّ ولي عهد هذه الدولة، واحفظ شعبها ومَن عليها.