شهدت الكويت أمس واحدة من أبشع الجرائم التي راح ضحيتها المغفور له شهيد الواجب الشرطي عبدالعزيز الرشيدي من مرتبات الإدارة العامة للمرور، على يد مقيم سوري قتل والدته أيضاً.

البداية كانت مع ارتكاب القاتل جريمة قتل والدته، وهي مواطنة كويتية، في منطقة القصور، ومن ثم إقدامه على قتل الشهيد الرشيدي في المهبولة، وفراره إلى مزرعة في منطقة الوفرة، حيث حاصرته القوات الخاصة وتفاوضت معه لأنه كان مسلحاً، قبل أن تقتحم المكان بعد إصابته في إطلاق نار، ليقضي متأثراً بجراحه في المستشفى.

وذكرت الإدارة العامة للعلاقات والإعلام الأمني بوزارة الداخلية، في بيان لها، أن «الأجهزة الأمنية المعنية تمكنت من إلقاء القبض على مرتكب جريمتي قتل شهيد الواجب الشرطي عبدالعزيز محمد الرشيدي من مرتبات الإدارة العامة للمرور أثناء تأدية عمله في محافظة الأحمدي، ووالدته في محافظة مبارك الكبير، بعد تبادل لإطلاق النار بينه وبين رجال الأمن وإصابته ونقله إلى المستشفى إلا أنه فارق الحياة».

وأوضحت أنه ورد بلاغ إلى غرفة عمليات وزارة الداخلية يُفيد بتهجم أحد الأشخاص على والدته بمحافظة مبارك الكبير، وعند توجه رجال الأمن إلى موقع البلاغ تمت مشاهدة مواطنة من مواليد 1967 متوفية إثر طعنات عدة في مسكنها.

وأضافت أنه ورد بلاغ آخر يفيد بقيام شخص بدهس رجل مرور أثناء تنظيمه حركة السير في محافظة الأحمدي، وقام بتسديد عدة طعنات له حتى فارق الحياة، ولاذ بالفرار.

وعلى الفور، تم تشكيل فريق بحث وتحرٍ من قبل القطاعات الأمنية المعنية، التي قامت برصد الجاني وتحديد موقعه، وهو مقيم من جنسية عربية وتم ضبطه في منطقة الوفرة.

تسلسل الأحداث

كشفت مصادر أمنية لـ«الراي» تفاصيل التسلسل الزمني للأحداث:

المجرم قتل والدته في منزلهم بمنطقة القصور حيث طعنها بالكتف وتحت الكتف.

فارقت والدة القاتل الحياة أثناء إسعافها.

هرب القاتل حتى وصل إلى منطقة المهبولة، ودعم دورية شرطة المرور بسيارته ودهس الشرطي عبد العزيز الرشيدي، ثم أخرج سكيناً ووجهه له 7 طعنات وسرق سلاحه وهرب.

الشرطي الشهيد كان في نقطة ثابتة لوحده أثناء الواقعة، ثم جاء زميله بدورية أخرى لكي يبدله، لكنه تفاجأ بمشهد الاعتداء على زميله.

الشرطي الشهيد لم يُسعفه الوقت لاستخدام السلاح والشرطي الثاني أيضاً، وكذلك الأمر بالنسبة للمارة الذين لم يفعلوا أي شيء.

كاميرا الدورية صوّرت القاتل، وطارده الشرطي البديل والتقط رقم سيارته.

تم إبلاغ العمليات وحضر رجال الأمن إلى موقع الحادثة.

بعد تعميم مواصفات القاتل ومواصفات سيارته، شاهده شرطي في مخفر الوفرة وهو يمشي فأبلغ عنه وطلب الإسناد.

بمجرد وصول الإسناد من القوات الخاصة للتفاوض معه للاستسلام، أطلق القاتل النار عليهم من السلاح الذي كان بحوزته فأصاب زجاج سيارة اللواء شكري النجار بعدما كان نزل من سيارته وهرب إلى إحدى المزارع الخاصة بمنطقة الوفرة.

جرى الرد عليه من قبل القوات الخاصة وإصابته بـ3 طلقات وتم ضبط السلاح.

أثناء نقله في سيارة الإسعاف إلى المستشفى لتلقي العلاج، عمد إلى شتم رجال الأمن وتوجيه تهديدات لهم.

بعد وصوله إلى المستشفى، فارق الحياة متأثراً بجراحه.

في وقت لاحق عثرت قوات الأمن على سيارة القاتل في أطراف منطقة الوفرة، وكانت خالية من الوقود.

الشرطي الثاني الذي وصل إلى المكان عند وقوع الحادثة، تم التحقيق معه في النيابة والاستماع لأقواله كشاهد، ثم أخلي سبيله.

... لهذا السبب كان الشهيد وحيداً في الدورية

| كتب نايف كريم |

كشف مصدر أمني في وزارة الداخلية لـ«الراي» أن الشهيد عبدالعزيز الرشيدي كان يحمل سلاحاً، ولكنه لم يسعفه الوقت لاستخدامه للدفاع عن نفسه. وأوضح أن «لدى جميع رجال الأمن تعليمات بإطلاق النار في مثل هذه الحالات، ولا ينتظر أحدهم أخذ الإذن المسبق فهو من يُقيّم الوضع الذي هو به»، مؤكداً أن وجود رجل أمن واحد في دورية المرور مرده في الأصل لأن عملهم محصور بتنظيم السير والإشراف على الحوادث، فيما الوضع مختلف بالنسبة لدوريات النجدة والأمن العام كونها تتلقى البلاغات وتتعامل مع جميع الأحداث الأمنية في البلاد.

المصدر نفسه لفت إلى أنه «بسبب توزيع الكثير من دوريات المرور على المحاجر الصحية والمستشفيات والأسواق، ومع زيادة حوادث المركبات في الطرق، فإن كل ذلك ساهم بشكل كبير في الضغط على قطاع المرور، خصوصاً أن عدد الدوريات والأفراد يحتاج إلى زيادة مع التوسع العمراني في البلاد».

رجال أمن لـ «الراي»: إطلاق النار ضوابطه مشددة... والحل بتسليمنا «تيزر»

عبّر عدد من رجال الشرطة والأمن عن حزنهم لفقدانهم زميل السلاح عبدالعزيز الرشيدي، وأكدوا لـ«الراي» أن «عدداً كبيراً من رجال الأمن ليس لديهم الصلاحيات الكاملة بإطلاق النار على المجرمين، وأن هناك تعليمات مشددة من مديري الإدارات في عدد من قطاعات وزارة الداخلية بعدم إطلاق النار إلا في حال فاق العدد الـ5 أشخاص، وألا يتم تصويب السلاح مباشرة وإنما إطلاق طلقة تحذيرية في الهواء».

وأضافوا أنه «في حال قمنا بإطلاق النار سوف تواجهنا عقوبات وانضباطيات من إداراتنا، مع احتمال نقلنا إلى السجن العسكري أو تاخير رتبة أو نقلنا الى إدارات أخرى».

وطالب العسكريون بأن يتم صرف جهاز «تيزر» (Taser) لهم، وهو مسدس صاعق عبارة عن سلاح كهربائي مصمم لإيقاف حركة شخص ما، من دون أن يتسبب ذلك في أضرار جسمية بالغة.

وأكدوا أن العديد من الدول تزود رجال الأمن فيها بهذا النوع من السلاح الذي يستخدم فقط لشل حركة المتهم والسيطرة عليه، علماً أنهم تلقوا دورات عليه بيد أنهم لم يتسلموه.

تأثيرات سلبية للمهام الكثيرة المُلقاة على عاتق رجال الأمن

كشفت مصادر أمنية أن توزيع المهام العسكرية على الأسواق والمحاجر الصحية وتطبيق قرارات مجلس الوزراء، ساهم بشكل أو بآخر في انشغال رجال الأمن عن مكافحة الجريمة وضبط المتهمين ومتابعة القضايا.

وأشارت إلى أن قوة الأمن العام، التي تقدر بنحو 3500 ضابط وعسكري، ثلثها تعمل لإسناد الجهات الحكومية الأخرى في تطبيق القرارات المتعلقة بمواجهة فيروس «كورونا»، وآخرها قرار منع دخول غير المطعمين إلى المجمعات الكبرى والعديد من المرافق الحيوية.

وقالت المصادر إن «نحو 1200 عسكري موزعين على الأسواق والمجمعات ومراكز التطعيم والمحاجر، وهذا بلا شك يساهم في انشغالهم بأعمال بعيدة عن مكافحة الجريمة وتلقي البلاغات والسيطرة على المنظومة الأمنية في البلاد».