شدد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، على ضرورة مواصلة الجهد الإعلامي العربي في نقل الصوت الفلسطيني والعربي، من أجل كسب الرأي العام الدولي لصالح قضيتنا العادلة، وألا تترك الساحة أبدا لرواية زائفة يعرضها الطرف المحتل، معتبراً أنه «إذا كانت هناك حروب تستخدم فيها أدوات القتل، فإن الأخطر اليوم هو التلاعب بالعقول وتوجيه الرأي العام، من خلال معلومة خاطئة أو صورة مفبركة ومركبة».

وأشار أبوالغيط في كلمته بافتتاح فعاليات الملتقى الإعلامي العربي أمس، في دورته الـ 17، عن بعد، تحت رعاية الأمين العام للجامعة، وبمشاركة عدد من وزراء الإعلام، ونخبة من أبرز الإعلاميين والكتاب والصحافيين والأكاديميين، من عموم الوطن العربي، إلى أن «الأحداث الأخيرة في القدس وغزة والضفة الغربية، برهنت أهمية العمل الإعلامي بكافة صوره ومتنوع منصاته، في التصدي للدعاية المضادة، وكشف الوجه الحقيقي للاحتلال الإسرائيلي.

ولفت إلى أن «إعلام المواطن» الذي تجاوز التفاعل مع الإعلام الرسمي والموجه الى صناعة إعلام خارج الرقابة وهو واقع جديد ينبغي على مؤسساتنا ومجتمعاتنا التعامل معه وعدم ترك ساحته أو اغفال أهميته، وذلك بالرغم من الانفلاتات التي ينطوي عليها هذا النوع من الإعلام، وما يشيعه في كثير من الأحيان من فوضى وبلبلة.

من جانبه، قال الأمين العام للملتقى ماضي الخميس «قمنا بإطلاق دورات وبرامج لتأهيل الإعلاميين الشباب، وعقدنا (ملتقى التأهيل الإعلامي)، شارك فيه أكثر من 600 شاب، وأكثر من 60 مدرباً وإعلامياً من العالم العربي، استمر أسبوعين».

وأضاف «تم الاتفاق على إقامة مبادرة لتأهيل الإعلام، بالتعاون مع قطاع الإعلام والاقتصاد بجامعة الدول العربية، وإتاحة الفرصة لأي مؤسسة أو هيئة ترغب في التعاون معنا لتأهيل الشباب، لأنهم يستحقون برامج ودورات إعلامية مكثفة تقودهم لإبراز الدور المهني في الجوانب الإعلامية».

وطالب وزير الإعلام البحريني علي الرميحي، الإعلام الرسمي بإظهار النخب وإتاحة الفرص لهم لوضع الحلول المناسبة، لافتا إلى اننا بحاجة إلى التأثير وليس الانتشار الإعلامي.

وأوضح الرميحي في كلمته في الملتقى، أن «التأثير الإعلامي يحتاج إلى عمل احترافي، وعملية إخفاء أي معلومة ليس في صالحنا، ونحتاج إلى شفافية وعمل دؤوب وشاق حتى نصل إلى التأثير».

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لهيئة الإذاعة والتلفزيون السعودي محمد الحارثي، إن المؤسسات الإعلامية لم تستجب للمتغيرات الحديثة، وكان لدينا أنكار لتلك المتغيرات، وبطء في مواكبة التغييرات وترددت في الدخول في تلك الصناعة الحديثة، وهناك مؤسسات إعلامية عالمية واكبت تلك التغيرات، وأطلقت منصات نافست الإعلام الحديث.

وتساءل الحارثي «ما هي الخطوة للإعلام الرسمي ليكون مؤثراً في صناعة المحتوى؟»، وأجاب «نحن قادرون على صناعة المحتوى، الذي هو الملك في صناعة النجاح، من خلال البناء، ووضع هوية خاصة، حتى نكسب المصداقية».

بدوره، قال الوكيل المساعد لشؤون الإعلام الخارجي بوزارة الإعلام فيصل المتلقم، إن الإعلام الجديد أصبح أكثر تأثيراً باستخدام الجرافيك، والصور المتميزة، باستخدام التكنولوجيا في الإعلام، مشيراً إلى أن القنوات الأخبارية العربية تعمل بصورة متميزة وبشكل جمالي، وهذا أمر جاذب للمشاهد، وتنقل للمشاهد الحدث بصورة أكثر من جيدة، مطالباً القنوات الحكومية في مخلف الدول العربية أن تتماشى مع ما يُظهر في القنوات الخاصة.

وأضاف إن «السوشيال ميديا أصبح دورها كبيراً في التأثير بالإعلام في مجتمعنا العربي، ولابد أن نعترف بأنه إعلام جديد ومؤثر في مختلف الدول العربية، لأنه ينقل بصورة واقعية حقيقية».

وأشار إلى أنه «إذا استطاع الرأي العام أن يرى إعلاماً يقدم الحقيقة، فلن يتوجه إلى مواقع التواصل الاجتماعي لمعرفة الحقيقة، والتي أصبحت تمتلك مصداقية كبيرة لدى الجميع».

من جهته، قال الأمين العام المساعد المشرف على قطاع الإعلام والاتصال في الجامعة العربية أحمد خطابي «نحن مطالبون بالانفتاح على أنجح تجارب الانتقال الرقمي، وأفضل نماذج التطوير الإعلامي باستشراف أنماط مهنية خلاقة، في إطار ضوابط حرية الرأي والتعبير، ضمن بنية تشريعية ملائمة لمسايرة تطور صناعة الإعلام، وتشجيع الاستثمار في الحقل الإعلامي، وصقل المهارات التكنولوجية للمهنيين، من أجل الارتقاء بمؤسساتنا ومزاولة المهنة، وفق نظم ومعايير محكمة، تدبيراً وإنتاجاً وتسويقاً، بعيداً عن سلوكيات الانكفاء واستهلاك أخبار الآخر».

المطيري يدعم كوادر الإعلام الخاص والحكومي

اختتم المتلقم كلمته قائلاً: إن «عبدالرحمن المطيري، وزير الإعلام والثقافة وزير الدولة لشؤون الشباب، أعلن عن استراتيجية لتطوير الإعلام في الكويت خلال السنوات الخمس المقبلة»، مشيراً إلى أنه سيدعم الكوادر الشبابية في وسائل الإعلام بالبلاد، سواء خاصة أو حكومية، عبر تدريبهم ومنحهم فرصة لتبادل الخبرات مع وسائل إعلام أخرى، سواء عربية أو غربية.

الإعلام الرسمي لا يمكن أن يحذف خبراً

قال المتلقم «لا يمكن أن نقارن بين الإعلام العربي والغربي، كما أن هناك صعوبة أيضاً في المقارنة بين الإعلام الرسمي والخاص، لأن الإعلام الرسمي لا يمكن أن يحذف خبراً، بعكس الإعلام الخاص الذي يستطيع فعل ذلك، حال تناوله لخبر غير صحيح».

«صحافة المواطن»

قال أبوالغيط: إن الجولة الأخيرة من المواجهات في الأراضي المحتلة، شكلت نقلة كبيرة في توصيل الرسالة الفلسطينية الى العالم، ولعبت دوراً في ذلك منصات إعلامية ورقمية مختلفة، وأيضاً ما يعرف بـ(صحافة المواطن)، التي تعمل على توثيق الحدث ونقله بصورة لحظية الى ملايين المتابعين. ولمسنا جميعاً حالة من التعاطف الدولي المتزايد مع القضية الفلسطينية والفلسطينيين، ومع حالة النكبة المستمرة التي يعيشونها بصورة يومية على أراضيهم.

العرب مجرد مستهلكين للمحتوى

أشار أبوالغيط إلى أن الأرقام والاحصائيات للحضور العربي في محتوى الإنترنت، لا تتجاوز أكثر من 3 في المئة، فالعرب مازالوا مجرد مستهلكين للمحتوى وليسوا منتجين له، وهو ما يضعف قدرتنا على الوصول للآخر والتأثير فيه. كما اننا نجد انفسنا في موضع مستقبل لما ينتجه الآخرون من محتوى يستهدفنا ويؤثر فينا ويشكل وعينا احيانا والى حد كبير.

صناعة محتوى بلغات أجنبية

رأى أبوالغيط أن المرحلة الحالية تستوجب استثماراً أكبر في صناعة محتوى عربي على الإنترنت، باللغات المختلفة الأجنبية ذات التأثير الواسع: الإنكليزية والفرنسية والإسبانية وغيرها، فضلاً عن اللغات ذات الصلة بقضايانا مثل الفارسية والعبرية، بهدف الوصول لعقل الآخر والتأثير فيه، والدفاع عن صورة العربي وقضاياه.