‏تميّزت في السنوات الأخيرة، جهود متنوعة من الدعاة والمهتمين بالحوار والردود على الملحدين وغيرهم من الذين تأثروا بثقافات أخرى، كالأديان والفلسفات المختلفة. وهذه الجهود تنوّعت في أصحابها من توجّهات متنوعة ومدارس مختلفة وفي كل خير.

‏وقد حصل جدل عن مدى الحاجة لبعض العلوم العقلية كالمنطق، وعلم الكلام، والفلسفة، وغيرها، وقد طرح بعض المهتمين بهذه العلوم آراء وانتقادات على الذين يعملون في مجالات الشبهات والحوار، بسبب (زعمهم) قصورهم في الفهم والعلم بالعلوم العقلية... فهل هذا صحيح؟

‏أرى أن هذا المجال يتفاوت الناس فيه بين متعمّق ومتوسّط فيه، وعموم الناس الذين يمارسون هذه الأمور بتلقائية، كونهم ينتمون إلى دين معين فيدافعون عنه ويدعون له على بساطتهم... ولا شك أن التعمّق والدراسة الجيدة للعلوم العقلية هي من الأمور المطلوبة والمهمة، ولكن الخلاف يكمن بمدى قدر الحاجة.

‏ومن الأمور المهمة التي يجب أن ننتبه إليها هي أن أغلب أصحاب الشبهات أو من سلكوا طريق الإلحاد والنكوص ليس عندهم تعمّق في العلوم العقلية، بل عندهم قدر معين تحصل حاجة الرد في تعلمه وفهمه، كما أن بعضهم تأثر بأمور نفسية، وبعضهم بعلمية تجريبية، وبعضهم الآخر بعوامل البيئة وضعف التعلّم.

‏لذلك فالأحوال مختلفة ومتفاوتة، ومن الممكن الجزم أن 95 في المئة من الناس - ومنهم الشريحة المخاطبة - لا تحتاج التعمّق في العلوم العقليّة، بأن يُطلب من المتخصّص التمكّن من مناهج ومتون متقدّمة (كالشمسية) وغيرها، بل يكفيه قدر معين يفهم فيه أصول العلم، ويمكّنه من الحوار والجدال وفهم، المغالطات.

‏كما أن بعض الجوانب تتعلّق بمدى المهارات الذاتية للمتخصص في طرح المعلومة والتفاعل مع الردود، وأيضاً هناك قدر معين عند كل إنسان متعلّق بالحوار العقلي والمنطقي، وهذا مركوز في داخل كل إنسان بالفطرة والبداهة، وأيضاً هناك خبرات حياتية وواقعية، وهناك دراسات علمية فيزيائية وغير ذلك.

‏الملخص: ‏التعمّق في العلوم العقليّة والمهارات الجدلية مطلوب ومهمّ، ولكن الحاجة الأساسية هي في قدر معيّن مقبول، فالناس متفاوتة في علومها، كما أن 95 في المئة من الناس لا تحتاج إلى متعمّق في هذه العلوم.

‏وكم من صاحب قدر بسيط في العلوم العقلية، أنجز ونجح أكثر من متعمّق محدود التأثير والعمل والنجاح.