No Script

أصبوحة

القيادة السياسية والثقافة

تصغير
تكبير

من الطبيعي أن تهتم الدول في سياق تطورها بالثقافة، كجزء حيوي بل مركزي للتنمية، فالتنمية الثقافية لا تنفصل عن التنمية في المجالات الأخرى، حيث إن أي تنمية يجب أن يكون محورها ومركزها هو الإنسان، ولا توجد ثقافة بلا إنسان.
وللتنمية الثقافية أركان من دونها لن تتحقق، مثل القرار السياسي والتعليم الحديث المواكب للعصر، وإطلاق الحريات العامة والخاصة، وإتاحة مشاركة مؤسسات المجتمع المدني، وإتاحة مستلزمات الثقافة مثل البنى التحتية، فالثقافة ليست ورماً غريباً على المجتمعات، بل هي في صلب المجتمع وتراثه وسلوكه وأخلاقياته.
في الكويت الجميع يعرف علاقة المجتمع الوثيقة بالثقافة، ليس عند أفراد الشعب فقط، بل عند حكام الكويت المتعاقبين، فكان من الحكام أنفسهم شعراء وفنانون، كما أنهم ومنذ زمن بعيد أحاطوا أنفسهم برجال الثقافة، واستشاروهم في كثير من الأمور الحيوية في البلد.


وقد كان أبرز رجال الثقافة من الأسرة الحاكمة، الشيخ عبدالله الجابر الصباح، والشيخ عبدالله السالم الصباح، حيث ارتبط اسم الشيخ عبدالله الجابر بتأسيس أول نادي أدبي، وبالتعليم مبكراً وحرص على تطويره، واهتم بالفن التشكيلي والنحت في معارض الربيع، كما ارتبط اسم الشيخ عبدالله السالم، بالنهضة الثقافية والفنية في ستينيات القرن الماضي.
وقد حدثني المرحوم حمد الرجيب، أن شيوخ الكويت كانوا يحرصون على حضور المسرحيات، في أربعينات وخمسينات القرن الماضي.
ولحضور القيادة السياسية العليا للأنشطة الثقافية، أثر جذري في دعم الفنون والآداب، ورفع ثقة المبدعين والمثقفين، وشعورهم أن الثقافة لا تعتبر شيئاً شاذاً عند القيادة السياسية، ففي عصرنا الحديث أتذكر أن الأمير الوالد المرحوم الشيخ سعد العبدالله الصباح، حضر في تسعينات القرن المضي، حفل لفرقة «كركلا» اللبنانية في مسرح الدسمة، وقد كانت إحدى مناسبات مهرجان القرين الثقافي، كما أن حضور صاحب السمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح وولي العهد الشيخ نواف الأحمد الصباح، لحفل الثمانينات في مركز جابر الثقافي، أثر كبير ومباشر على الجمهور والفنانين، رغم الحرب الشعواء من قبل المتشددين على الثقافة والفن والأدب.
ووجود القيادات السياسية في المناسبات الثقافية، تقليد في معظم الدول، ويضفي أهمية وتقديراً ومكانة للثقافة، وأتذكر في تسعينات القرن الماضي، أن الرئيس محمد خاتمي رئيس الجمهورية الإيرانية آنذاك افتتح معرض الكتاب في طهران، كما اعتاد الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك افتتاح معرض الكتاب في القاهرة، والأمثلة كثيرة في الدول العربية وغير العربية.
ولا معنى هنا للحديث عن عاداتنا وتقاليدنا، فالثقافة والفن جزء لا يتجزأ من عادات الكويتيين، منذ مئات السنين وقبل غزو الفكر المتشدد والتكفيري، وأكرر أنه في المجتمعات لا توجد عادات وتقاليد واحدة، بل هناك عادات وتقاليد متعددة، طالما هناك ثقافات متعددة.

osbohatw@gmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي