No Script

أصبوحة

المشكلة في القوانين المنظمة

تصغير
تكبير

تحدثنا في مقالات سابقة حول أهمية عودة مشروع الدولة المدنية، وضرورة ترسيخ مفاهيم الدولة المدنية الكويتية، التي تبنى على مقومات الديموقراطية والدستور والقوانين المنظمة، ومؤسسات المجتمع المدني، فالدولة المدنية في تعريفها، هي دولة تحافظ وتحمي كل أعضاء المجتمع، بغض النظر عن انتماءاتهم القومية أو الدينية أو الفكرية، والدولة هي السلطة العليا ولا سلطة أخرى فوقها.
وعندما وضع الآباء المؤسسون أركان الكويت الحديثة آنذاك، قرروا أنها ليست دولة دينية ولا طائفية ولا عشائرية، وإنما هي دولة مدنية ديموقراطية، يقوم نظامها على مبادئ دستورية تنظمها قوانين، لتطبيق هذه المبادئ على أرض الواقع، ولا تنفيها أو تناقضها أو تتعارض معها.
فالمادة 7 تحت باب المقومات الأساسية للمجتمع الكويتي نصت أن: «العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع، والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين»، كما نصت المادة 35 من الدستور على: «حرية الاعتقاد مطلقة، وتحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان، طبقاً للعادات المرعية..»، وأيضاً أكدت المادة 36 منه على «حرية الرأي والبحث العلمي، وحق التعبير عن الرأي بكل الوسائل».


إذاً مبادئ الدستور وإن كانت قاصرة، إلا أنها نبيلة ومتماهية مع مقومات الدولة المدنية التي ارتآها الآباء المؤسسون، أين إذاً المشكلة؟ المشكلة هي في القوانين المنظمة، التي بدلاً من أن تعكس مواد وروح الدستور، ضيقتها إلى أقصى الحدود، بحيث أفرغ الدستور من محتواه المدني، وعكست القوانين المنظمة عداء لمقومات الدولة المدنية المذكورة آنفاً.
بل حتى هذه القوانين المتعسفة، تم تجاوزها من قبل جماعات وأشخاص، تبعاً لانتماءاتهم الأيديولوجية والمزاجية، التي تمثل ثقافتهم ومصالحهم الحزبية الضيقة، حتى ألغيت المقومات والمبادئ التي بنيت عليها كويت الاستقلال، وأصبحت البلد تدار لا بالقانون، ولكن بالمؤامرة والانقلاب على مواد الدستور، ولذا بقي حبراً على ورق، وبقيت الديموقراطية مجرد صندوق انتخابي يستغل بيد المتنفذين وجماعات الإسلام السياسي.
ولا أدل على ذلك سوى فرض ثقافة لا علاقة بالدولة المدنية، التي من أهم مقوماتها السلام والتسامح وقبول الآخر والمساواة في الحقوق والواجبات، ومثلها الثقافة المعادية للمدنية، من خلال تقييد الحريات العامة والشخصية بالقوانين المتعسفة، التي تصب في مصلحة القوى المتنفذة، والجماعات السياسية التي تستغل الدين في السياسة، هم يأمرون وأدواتهم في مجلس الأمة ينفذون.

Osbohatw@gmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي