لن نضيف جديداً في عالم الكتابة في الشأن المحلي إن صببنا كغيرنا جام الغضب على مؤسسات الدولة كاشفين واقعها المترهل وانتشار الفساد في معظم تفاصيلها الإدارية والمالية وغيرها، وهو واقع يجب عدم إنكاره وسبق لنا الكتابة حوله. لكن ما نحن بصدده اليوم هو أقرب لتسليط الضوء على مواطن خلل قد يؤدي إهمال علاجها إلى تقويض مشاريع جبارة تسهم في استقرار الدولة وتحويلها إلى مركز مالي فعلي بعيداً عن التمنيات، مهما كانت مخلصة!
جميعنا يتابع وباعتزاز ما يقوم به صاحب السمو أمير البلاد من جهد جبار يهدف إلى بناء التحالفات الاقتصادية مع العديد من القوى الفاعلة في العالم، وليس آخرها الصين، وهو جهد يتمنى جميع المخلصين أن يكلل بالنجاح لما له من نتائج متوقعة على استقرار الكيان الكويتي في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى ما نتوقع منه من انعكاسات على الواقع الاقتصادي المحلي وخلق الوظائف لعشرات الألوف من الشباب الكويتي المتوقع دخولهم سوق العمل في العقدين المقبلين، مع إدراكنا لاستحالة استيعاب هؤلاء في القطاع الحكومي وحده، فالواقع الاقتصادي والمالي للدولة سيفرض نفسه على متخذ القرار ولن نستطيع الاستمرار في الإدارة بفلسفة الدولة الريعية التي حكمت عمل أجهزتنا التنفيذية منذ بداية الدولة الكويتية الحديثة!
هذه الجهود المقدرة من سموه، يجب أن يقابلها خلق أجهزة فاعلة بحجم الطموحات المعلنة، فالأموال والاستثمارات الخارجية لا تأتي لدولة ما إلا بمقدار ما توفره تلك الدولة من بيئة تضمن لأصحاب رؤوس الأموال حقوقهم وتعدهم بأرباح مجزية، وهو ما نخشى أن أجهزتنا التنفيذية لا تستطيع تقديمه حالياً في ظل انتشار الفساد والمحسوبية وضعف الشفافية مع ما نشهده من ضعف واضح لأدوات الرقابة الشعبية في كبح جماح الفساد، وهو ما يترجمه تراجع أو ضعف تصنيف الكويت في العديد من المؤشرات الدولية المعنية بالفساد وتحسين بيئة الأعمال وغيرها!