No Script

نفسياسي

فكر صاحب السمو... وواقع الدولة!

تصغير
تكبير

لن نضيف جديداً في عالم الكتابة في الشأن المحلي إن صببنا كغيرنا جام الغضب على مؤسسات الدولة كاشفين واقعها المترهل وانتشار الفساد في معظم تفاصيلها الإدارية والمالية وغيرها، وهو واقع يجب عدم إنكاره وسبق لنا الكتابة حوله. لكن ما نحن بصدده اليوم هو أقرب لتسليط الضوء على مواطن خلل قد يؤدي إهمال علاجها إلى تقويض مشاريع جبارة تسهم في استقرار الدولة وتحويلها إلى مركز مالي فعلي بعيداً عن التمنيات، مهما كانت مخلصة!
 جميعنا يتابع وباعتزاز ما يقوم به صاحب السمو أمير البلاد من جهد جبار يهدف إلى بناء التحالفات الاقتصادية مع العديد من القوى الفاعلة في العالم، وليس آخرها الصين، وهو جهد يتمنى جميع المخلصين أن يكلل بالنجاح لما له من نتائج متوقعة على استقرار الكيان الكويتي في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى ما نتوقع منه من انعكاسات على الواقع الاقتصادي المحلي وخلق الوظائف لعشرات الألوف من الشباب الكويتي المتوقع دخولهم سوق العمل في العقدين المقبلين، مع إدراكنا لاستحالة استيعاب هؤلاء في القطاع الحكومي وحده، فالواقع الاقتصادي والمالي للدولة سيفرض نفسه على متخذ القرار ولن نستطيع الاستمرار في الإدارة بفلسفة الدولة الريعية التي حكمت عمل أجهزتنا التنفيذية منذ بداية الدولة الكويتية الحديثة!
 هذه الجهود المقدرة من سموه، يجب أن يقابلها خلق أجهزة فاعلة بحجم الطموحات المعلنة، فالأموال والاستثمارات الخارجية لا تأتي لدولة ما إلا بمقدار ما توفره تلك الدولة من بيئة تضمن لأصحاب رؤوس الأموال حقوقهم وتعدهم بأرباح مجزية، وهو ما نخشى أن أجهزتنا التنفيذية لا تستطيع تقديمه حالياً في ظل انتشار الفساد والمحسوبية وضعف الشفافية مع ما نشهده من ضعف واضح لأدوات الرقابة الشعبية في كبح جماح الفساد، وهو ما يترجمه تراجع أو ضعف تصنيف الكويت في العديد من المؤشرات الدولية المعنية بالفساد وتحسين بيئة الأعمال وغيرها!


 هذا الرأي ليس مجرد «فشة خلق» أو «فضفضة»، ولا يعنيني البتة الدخول على خط المماحكات السياسية المحلية التي لا تهدف في كثير من الأحيان إلى محاربة الفساد بقدر اهتمام أصحابها بتسجيل النقاط السياسية على خصومهم وضمان استمرار وجودهم في المشهد السياسي، ولكنها شهادة لا بد من قولها تجاه واقع مؤسساتنا التي أرهقها نمط الإدارة السائد في الكويت منذ عقود والمرتكز في بعض جوانبه على استخدام أجهزة الدولة في لعبة الترضيات والمحاصصات السياسية والاجتماعية، ناهيك عن الفساد المالي المستشري في البلاد، ما نتج عنه حالة من الإحباط والقناعة بأن الجهاز الحكومي غير معني بأي خطة حقيقية لتطوير واقع البلاد، وأن القاعدة الأساس للاستمرار في ذلك الجهاز مرتبطة بالولاءات الشخصية أو الفئوية على حساب الاجتهاد الشخصي، ولنا في الكثيرين مثال حي لما حصل لمن حاول أن يغرد خارج السرب ويحارب الفساد أو يطور من منظومته الحكومية المباشرة!
 مرة أخرى، مقال اليوم لا يهدف إلى جلد الذات، فقد «استوى» ظهر البلاد و«نحّس» من عدد ما هوت عليه سياط النقد بحق أو بباطل، ولكنها مجرد نصيحة لمتخذي القرار، فما يقوم به صاحب السمو هو عمل قدير ويستحق أن ننعش الأمل في نفوسنا من أجله، فهل تصل هذه الرسالة... البريئة؟
 
alkhadhari@gmail.com
Twitter: @dralkhadhari

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي