No Script

رأي قلمي

إليكِ أنتِ يا...!

تصغير
تكبير

إن الله - سبحانه وتعالى - فطر الإنسان على حب التحول والتغير من الحال التي عليها إلى حال أخرى يظنها أفضل منها، فهو في سعي دائم نحو تلبية رغباته واحتياجاته في الرقي والتحسن. ولكل شخص من الأشخاص تشوفاته واستشرافاته الخاصة نحو الأفضل على نحو يتوافق مع المنظومات القيمية والمعرفية والرمزية، التي تكوّن ثقافته ومنها تحول حاله. وتبقى هناك خطوط إنسانية تميل إلى سد وإشباع حاجاتها الروحية والجسمية عن طريق التقليد واتباع النماذج الغربية من دون تمييز بين الصالح والطالح والجيد والرديء، حتى وإن كان هذا الشيء لا يتوافق مع منظومته القيمية، وباعتقاد خاطئ منه أن كل مايعتقده أو يسلكه الغرب فهو مثالي ذو الجودة العالية ويجب أن يعمم على الأمم ويتبع لإصلاح الأحوال. إليكِ أنتِ يا من تدّعين بأنكِ امرأة قوية... ليس كل ما عند الغرب  سيئ، فيه الكثير من الجيد، لكن لطالما استهنتِ بالغربلة والنخل وارتضيتِ أن تكوني إسفنجة تمتص كل ما يرد عليها من سخيف وخبيث وسيئ ورزين وطيب، فاعلمي أن الحضارة الغربية في بداياتها بنت أفكارها ومفهوماتها العميقة من الفكر والتراث المسيحي الكنسي، وأخذت تنحو شيئاً فشيئاً نحو الاعتماد على العقل والعلم في رسم الأهداف الكبرى وأطر البناء والحركة بعيداً عن الدين والوحي والغيب. إليكِ أنتِ يا من صدقتِ مقولاتهم ومنطلقاتهم وانتكستِ، فبدأتِ بنزع الحجاب وزعمتِ بأنه تراث وليس حكماً وفرضاً شرعياً فرضه الله علينا، ومنها الذهاب لدور عباداتهم، وتماديتِ إلى أن جاء اليوم التي تروجين وتدعين فيه لتغيير دين الحق والعدالة والقسط، إلى دين التزوير والتحريف. هم من أقنعوكِ بأن عقل الإنسان قادر على معرفة الطبيعة والسيطرة عليها، وأن الموارد الطبيعية لا يمكن أن يصيبها العطب «فالمادة لا تفنى» كما يزعمون، وأن عملية التقدم ليس لها غاية إنسانية محددة أو مضمون أخلاقي محدد، ولا مرجعية للتقدم إلا ذات الإنسان.
إليكِ أنتِ يا مسكينة، الغرب نفسه حين فقد الثوابت المستمدة من الوحي، وأدرك إخفاقاته في الميدان الاجتماعي والأخلاقي، لم يبق أمامه إلا أن يعود لدينه - أي دين - وبدأت هذه المقولات وأخرى على شاكلتها تتساقط الواحدة تلو الأخرى، لأنها أضعف من أن تساعد الإنسان على تلبية حاجاته الروحية والفطرية، والكثير منهم بدأوا يكتشفون أن من أسس التقدم والارتقاء بالذات وبالمجتمع الرجوع للقيم المجتمعية والأخلاقية المستمدة من الشريعة. إليكِ أنتِ يا فقيرة القوة، لا تقبلي بالتقييد وكوني حرة دائماً وأبداً ولكن بملامح ومواصفات تتناسب وتتوافق مع روح العبودية لله - جل وعلا - في كل تفاصيل حياتك، كما ينبغي أن تُشعري كل من حولك من الغرب وغيرهم أن أعمالك التي تبدو دنيوية تحمل في طياتها روح ورموز التواصل والاتصال بعالم الآخرة، وكيف يوازن الإنسان بين جهده لبناء الدنيا وجهده لبناء الدار الخالدة؟، ليكون البناء مشبعاً بروح القيام للحق، وتهيئة الظرف المناسب لأداء الرسالة، وتحقيق فاعلية المسلم. كوني قوية بدينك وعظمي ذاتك وامتلكي عقلاً متفتحاً وإرادة قوية واستوعبي روح العصر بقدر من الشفافية الروحية، وكوني حرة كريمة أوّابة متعاطفة منضبطة منسجمة مع معايير وضوابط الشريعة الإسلامية، هندسي شخصيتك وكوني قدوة للغرب واجعليهم ينبهروا بأفكارك وقناعاتك ويستوردوا أدواتك وآلياتك للتقدم والارتقاء بالمرأة الغربية علها تصل إلى قمة وشموخ وهامة المرأة المسلمة العربية.


m.alwohib@gmail.com‏mona_alwohaib@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي