No Script

ببساطة

مصدر السلطات؟

تصغير
تكبير

نظام الحكم في الكويت ديموقراطي، السيادة للأمة مصدر السلطات جميعاً... هكذا نصت المادة السادسة من الدستور بحيث تتم ممارسة السيادة على الوجه المبين في الدستور؛ وذلك من خلال وجود برلمان منتخب وظيفته التشريع والرقابة، فالنائب المنتخب من الشعب يُقسم في بداية حياته البرلمانية بأن يحترم الدستور وقوانين الدولة ويذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله ويؤدي أعماله بالأمانة والصدق، ومن خلال تلك السلطة الممنوحة له يستطيع أن يحاسب الحكومة ويفرض سلطة الأمة عليها، ولكن هل فعلاً الأمة مصدر السلطات في واقعنا الحالي؟
نعم قد يهيأ للبعض أن الأمة بالفعل هي مصدر السلطات، كون النص الدستوري يعطيها تلك الصفة، لكن الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي يعطينا انطباعاً مختلفاً؛ فالحكومة هي المتحكم بكل المفاصل وهي من تمثل السلطات جميعاً في الواقع، فهي من حددت شكل البرلمان المنتخب من خلال فرضها لمرسوم قانون الدوائر والانتخاب، والتسهيلات الكبيرة التي تقدمها الحكومة للمرشحين المحسوبين عليها، كالتوظيف والنقل والعلاج بالخارج والتنفيع... الخ، كما تمتلك الحكومة 16 مقعداً برلمانياً؛ من أصل 65 مقعداً، أي هي تمتلك ربع البرلمان، لذا فهي لا تحتاج سوى لـ17 نائباً لتقر أو ترفض أي قانون، بينما النواب المنتخبون يحتاجون لجمع 33 نائباً لإقرار أي قانون.
كذلك هناك الضمانات الدستورية الكبيرة للحكومة، فالنواب المنتخبون لا يملكون إسقاط الحكومة أو رفضها في حال فشلها، بل أقصى ما يمكنهم فعله هو استجواب رئيس مجلس الوزراء وتقديم طلب عدم التعاون، الذي إن تم فذلك يعني حل مجلس الأمة وعودة هؤلاء النواب مرة أخرى لخوض المعركة الانتخابية المرهقة مادياً وجسدياً ونفسياً.


واقعنا الحالي يقول إن الأمة ليست مصدر السلطات، ولعل أقرب مثال على ذلك هو التغيير الكبير الذي حدث بعد انتخابات 2016، عندما تصدر المرشحون المعارضون لنهج الحكومة في غالبية الدوائر الانتخابية، ما يدل على أن المزاج الشعبي غير منسجم مع نهج الحكومة، فجاء الانطباع بأن هذا المجلس سيكون شرساً صعب المراس ولن تستطيع الحكومة مجابهته، بل ما زلت أتذكر الإشاعات الكثيرة التي ظهرت بعد إعلان نتائج الانتخابات حول حل هذا المجلس، فكان البعض يعتقد أن هذا المجلس لن يكمل دور الانعقاد الأول!
لكن ها نحن اليوم بعد مرور سنتين نرى بأن المجلس قد خضع للحكومة، ولا أحتاج أن أذكر كمية الوعود التي قدمها النواب للشعب أثناء فترة الانتخابات وكيف استطاعت الحكومة أن تنسفها من دون أدنى جهد، وبالتأكيد لن أتحدث عن فشل النواب في استجواب رئيس الوزراء الأخير الذي تمت إحالته للجنة التشريعية، لكنني سأضرب المثل بقانون التقاعد المبكر الذي أخذ حيزاً كبيراً من النقاش والمداولات، حيث كان من المفترض أن يكون هذا القانون «الشعبي» حلاً لمشكلة البطالة، فهو حسب ما ذكر مقدموه يهدف لتشجيع الموظفين على التقاعد بحيث يتم تدوير الطاقات، ويتمكن الشباب العاطل عن العمل من إيجاد فرص وظيفية، وبالفعل استطاع النواب «الممثلون للرغبة الشعبية» تحقيق المعادلة الصعبة وتمرير ذلك القانون بغالبية مريحة، ولكن تم رد القانون ليجري التصويت عليه مرة أخرى في مجلس الأمة.
وهنا يتبين لنا أن القوة لا يملكها الشعب، فحسب الدستور كان من الممكن لمجلس الأمة أن يعيد التصويت وبالغالبية السابقة نفسها على ذلك القانون، ولكن لأنهم مسلوبو الإرادة فقد تم تعديل القانون أو تشويهه ليتوافق مع الرغبة الحكومية وقام النواب مرغمين بالتصويت بالموافقة على تلك التعديلات، ليثبتوا بأن الحكومة هي صاحبة السلطة المطلقة.
ختاماً، لو أرادت الأمة فعلاً أن تكون مصدر السلطات جميعاً وليس على الورق فقط، فعلينا كشعب أن نكون حازمين في اختياراتنا في الانتخابات البرلمانية، وأن نتابع ونوجه نوابنا، فالنواب عاجزون تماماً عن مواجهة الحكومة، ويبدو واضحاً بأنهم يتحاشون الرجوع للشارع وتوعية الناس بحقوقهم، لذلك فلزام علينا أن نعي مسؤوليتنا، فنعمل على تقويم هذا الوضع غير السوي!

dr.hamad.alansari@gmail.com
twitter: @h_alansari

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي