لا تدهشني الأنباء المتداولة عن فضيحة الشهادات المزوّرة وعدد المتورطين فيها، فبحكم موقعي الوظيفي كأستاذ جامعي وعضو سابق في جمعية أعضاء هيئة التدريس في جامعة الكويت، وبحكم العلاقات الاجتماعية التي تربطني بالكثير من المسؤولين في القطاع التعليمي أيضاً، فقد كنا نرى ونسمع الكثير من التفاصيل حول هذه الكارثة وما كان يدهشنا هو صمت المجتمع والدولة عن كل هذا العبث بواقعنا ومستقبل أبنائنا!
كم بحّت أصواتنا ونحن نحاول إقناع المجتمع بخطورة ما آلت إليه الأمور من انتشار للتزوير والادعاء في موضوع الشهادات العلمية، وقد كانت ردود الفعل تتفاوت بين التقليل من حجم المشكلة أو عدم الاكتراث بها أساساً، رغم أن ما تسرب من معلومات كان يشير بوضوح لتفشي تلك الظاهرة في العديد من أجهزة الدولة، وبعضها يتصف بالحساسية وتمس مكانته الأكاديمية أو القانونية أو المهنية مثل تلك الأنباء، ولكن التدخلات التي مورست وقتها لقفل باب النقاش حول الموضوع كانت، كما يبدو، أكبر من قدرة الكثير من المسؤولين على التصدي لها!
الآن، حسب ما هو ظاهر على الأقل، ولأسباب كثيرة ليس أقلها رغبة الدولة في تحسين تصنيفها في المؤشرات الأكاديمية ومدركات الفساد وغيرها، يبدو أن الظروف الموضوعية بدأت في التوافر للتعامل المسؤول مع هذه المشكلة التي تكشف عن مشاكل أعمق وأكبر من مجرد تزوير شهادة للحصول على وظيفة أو درجة معينة، أو إرضاء لحاجات نفسية، فهذه الأسباب الأخيرة هي أسهل الأسباب التي نستطيع الإشارة لها والإطناب في شرح ما يترتب عليها من تدمير للمؤسسات الحكومية أو سوق العمل في القطاعين العام والخاص على حد سواء، لكن هذه الكارثة وحجم المتورطين فيها عدداً ومكانة، تكشف عن واقع عليل، نستطيع القول فيه إن تزوير الشهادات هو أحد أعراضه، وليس المرض نفسه!