No Script

خواطر قلم

أدب الشتائم... بين «الأوقاف» وإذاعة القرآن!

تصغير
تكبير

في طريقي إلى الكلية للتدريس، وأنا استمع إلى الدقائق الأخيرة من البرنامج الماتع «تباشير الصباح» اليومي في إذاعة القرآن الكريم، الذي يقدمه الأستاذان صالح السحيب وأحمد سالم العتيبي في الساعة السابعة والنصف يوم الأحد الماضي 2018/4/22، قال صالح السحيب: «أدب الشتايم... واشرايك؟!»، فضحك زميله أحمد العتيبي وقال: «لا... لا... لا»، ثم أكد الاثنان على أهمية الموضوع والاحتياج لهذه الآداب وأن نقف على حدود المنطقة غير المسموح بها شرعاً وعدم تجاوزها، ثم روى لنا مقدما البرنامج المتحاوران هذه النصوص والمادة:
عند أصحاب المروءة آداب حتى في السّباب، والالتزام بالأخلاق، فقد سبَّ أعرابيٌ أعرابياً، فسكتَ الآخر...
فقيل له: لِمَ سكتَّ عنه ولم تشتمه؟


قال: لا أعلم الأخلاق التي فيه، وكرهتُ أن أكذبَ وابهتُهُ بما ليس فيه.
وكانوا إذا شتموا لم يذكروا سوءة ولا سبُّوا أختاً ولاعِرضاً، وإنما يذكرون فيه أخلاقاً غير مرضية، فيقولون إنه لضيِّق اليد، لئيم العِشرة، لا ينجد الجار… وهكذا.
وهذا قبل الإسلام، فما بالكم بأخلاق الإسلام؟!
قال رسول الله ?: «ليس المؤمن بالطَّعَّان ولا اللَّعَّان، ولا الفاحِشِ ولا البَذِيءِ». (الأدب المفرد للبخاري)
ومعنى الطَّعان: الوقَّاع في أعراض الناس بالذم والغيبة.
اللَّعان: من يُكثر اللعن.
الفاحش: الشاتم.
البذيء: الذي ليس له حياء.
وكانت تعليقات الأستاذين على هذه النصوص جميلة.
وكم هو مفيد وحيوي أن يستمع الناس إلى مثل هذه التوجيهات بطريقة سلسة تلقائية حوارية وبلغة اجتماعية مبسطة مع الصباح الباكر ليتلقاها الطلاب والموظفون وعموم الناس الذين يموج بعضهم ببعض في شتى مناشط الحياة وتنكشف أخلاقهم من خلال معاملاتهم في ما بينهم.
رجعت إلى المنزل وأردت تعزيز هذه القيمة«أدب الشتائم وأدب الخلاف وأدب النزاع»إلى آخر ما تزخر به مكتبتنا العربية والإسلامية.
فوجدت في مكتبتي كتاب (كيف تغدو فصيحاً عف اللسان) «أدواء اللسان وعلاجها فصاحة وحفظاً»للدكتور محمد حسان الطيان، وإذا بعنوان القسم الثاني من الكتاب (سلامة اللسان من الآفات) في قرابة 100 صفحة.
وسرني أن قطاع الشؤون الإسلامية في وزارة الأوقاف الكويتية قد طبع الكتاب وأخرجه بحلة جميلة.
وبصراحة، في السنين الأخيرة ومع اقتراب شهر رمضان المبارك، فإن الناس عندما يسألونني عن ماذا أعددت لنا من موضوعات لحلقات رمضان؟ فإنهم يتبعون السؤال بقولهم«تكلم عن الأخلاق، ركز على الأخلاق، ترى الأخلاق في تراجع».
هناك موضوعات وقيم خالدة وأبدية ونحتاجها على مدار الساعة في بيوتنا ومدارسنا وأسواقنا ومؤسساتنا مع الموافق والمخالف، بل حتى في خصوماتنا ابتداءً بالتوترات المنزلية والمشادات البرلمانية والبرامج الإعلامية والعلاقات العامة. فبما أننا بشر، إذاً سنختلف ونتنافس ويقع الشقاق.
والإسلام أعطانا لكل سلوك أحكاماً وآداباً، حتى في النزاعات، سواء بين الزوجين أو في الحروب العسكرية وما بينهما.
وكم أتمنى أن يجدد طبع كتاب (الفرق بين النصيحة والتعيير) للإمام ابن رجب الحنبلي ويضم معه فصل (الفتوة) الأخلاقية من كتاب «مدارج السالكين» للإمام ابن قيم الجوزية.
فكل الشكر لإذاعة القرآن ووزارة الأوقاف على هذه العطاءات واللفتات التربوية والأخلاقية في زمن طاشت فيه العقول واتسعت فيه خروق ثياب الأخلاق النقية.

mh_awadi@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي